الانسحاب أو الحسم.. هادي وجريفيثس واللعب على أسوار الحديدة

(شبكة الطيف ) تقرير/ وهيب الحاجب (الأيام)
“الانسحاب كليا من مدينة الحديدة وتسليم الميناء أو المضي بالحسم العسكري” خياران أحلاهما مرٌّ وضعهما الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي أمام المبعوث الأممي مارتن جريفيثس، الذي زار عدن أمس والتقى هادي ورئيس وزرائه أقل من ساعتين، قبل أن يغادر إلى العاصمة العمانية مسقط.
جريفيثس أبلغ هادي أن الحوثيين وافقوا على وضع الحديدة تحت إشراف الأمم المتحدة، غير أن الرئيس اليمني أبلغ المبعوث بأن على الحوثيين ضرورة تسليم الميناء والانسحاب الكامل من المدينة أو مواجهة مصيرهم أمام العملية العسكرية التي بدأتها ألوية العمالقة والدعم والإسناد الجنوبية يوم 12 يونيو الجاري وحررت المطار لتتوقف عند أسوار المدينة متأهبة لمعركة مصيرية تسعى إلى تحرير الميناء وكامل المدينة.
ووصل المبعوث الأممي أمس إلى عدن للتباحث مع الرئيس هادي حول ضرورة وقف التصعيد العسكري في الحديدة والدخول في مفاوضات سياسية لحل الأزمة سلميا.
وكان جريفيثس أعلن عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “تويتر” أنه سيزور عدن للقاء الرئيس عبدربه منصور هادي.
وأوضح أن اجتماعه مع هادي سيكون بهدف إطلاعه على جهوده الأخيرة الرامية إلى تجنب المزيد من التصعيد العسكري في محافظة الحديدة والعودة إلى طاولة المفاوضات، مشيرا إلى أنه يواصل مساعيه لتجنيب الحديدة مواجهة عسكرية، واستئناف المفاوضات السياسية.
وكانت معركة استعادة مطار الحديدة قد أسقطت كل حسابات الحوثيين في استثمار تحركات المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن جريفيثس كغطاء لربح الوقت.
ويقول مراقبون يمنيون إن جماعة الحوثي تستنجد بالوساطة الأممية بشأن إدارة ميناء المدينة لتتجنب هجوما وشيكا شبيها بهجوم المطار من حيث سرعة الحسم.
وتتضمن مبادرة المبعوث الأممي سرعة انسحاب المسلحين الحوثيين من داخل مدينة الحديدة، مقابل وقف العمليات العسكرية والشروع في جولة جديدة من المشاورات بين الفرقاء اليمنيين برعاية الأمم المتحدة.
موقف حكومة الشرعية اليمنية يبدو هذه المرة قويا من حيث استخدام ورقة الحسم العسكري رغم غياب قواتها تماما عن جبهات الساحل الغربي واعتمادها في معركة الحديدة بشكل أساسي على المقاومة الجنوبية وبعض التشكيلات العسكرية اليمنية التي انشقت عن جماعة الحوثي ولم تعلن حتى اليوم تأييدها لحكومة هادي.
وفيما يعزو سياسيون القوة في موقف الشرعية هذه المرة إلى انتصارات المقاومة الجنوبية على تخوم الحديدة وإضعاف الحوثيين، يشير آخرون إلى أن إصرار حكومة هادي على الحسم العسكري ودخول الحديدة بالقوة مغامرة غير محسوبة العواقب، مشككين بنوايا تتبناها أطراف إقليمية “للزج بحكومة هادي في معركة خاسرة بغية التخلص من هذه الحكومة التي أثبتت خلال ثلاث سنوت من الحرب فشلها السياسي في إدارة المحافظات المحررة، وعجزها الكلي عن تحقيق أي تقدم عسكري أو تفوق ملحوظ على الحوثيين في جميع الجبهات التي تتواجد فيها قوات الجيش النظامي”.
محللون عسكريون يرون أن دخول قوات التحالف والمقاومة إلى مركز محافظة الحديدة لا يعني نصرا ولا حسما للمعركة بقدر ما يعني بدايتها بالنسبة للحوثيين الذين يستميتون في البقاء داخل المدينة ومينائها.
ويشير هؤلاء المحللون إلى أن فترة ما بعد دخول الحديدة ستشهد حرب استنزاف طولية الأمد سيخوضها الحوثيون بشكل حرب شوارع وعصابات وعمليات تصفية واغتيالات واستهداف لخطوط الملاحة الدولية بعمليات إرهابية كبيرة، وستحاول الجماعة الاستفادة من ارتباطاتها بالإخوان المسلمين وبعض التنظيمات الإرهابية المتطرفة لاستهداف مصالح خليجية في البر والبحر، فضلا عن استخدام الصواريخ الحرارية والباليستية والطائرات المسيرة بشكل أوسع نطاقا.
التحالف العربي أكد عدم وجود أي تغيير في خططه لتحرير مدينة وميناء الحديدة الحيوي، وذكر على لسان متحدثه الرسمي العقيد تركي المالكي أن المبعوث الأممي لا يهدف في زيارته لعدن إلى وقف العمليات العسكرية في الحديدة.
وقال المالكي إن “العمليات العسكرية الجارية حالياً لتحرير الحديدة ومينائها هي حق شرعي وقانوني للحكومة اليمنية الشرعية وفقاً لقرار مجلس الأمن 2216”.
وأضاف في تصريحات نقلتها جريدة “الشرق الأوسط”: «لن نغير أياً من خططنا لتحرير الحديدة.. العمليات العسكرية شرعية، والمجتمع الدولي يتفهم الخطوات التي نقوم بها لتحسين الوضع الإنساني. الحكومة اليمنية الشرعية من حقها تحرير الحديدة وأراضيها كافة».
وتابع: “جهود مارتن جريفيثس اصطدمت بتعنت الميليشيات الحوثية في زيارتيه الأولى والثانية إلى صنعاء، المبعوث هدفه ليس إيقاف العمليات العسكرية التي تسير وفق القانون الدولي والإنساني وهي أداة لتحقيق الرغبة السياسية وإيجاد حل سياسي، وتطبيق المرجعيات الثلاث، والتحالف يدعم جهود المبعوث الأممي كافة”.

ميدانيا، شنت ألوية العمالقة الجنوبية أمس هجوما واسعا لتمشيط المزارع في منطقة الفازة التي تتسلل إليها فلول حوثية بين الفينة والأخرى.
ويهدف الهجوم إلى تأمين الطريق الساحلي الذي يعد خط إمداد للقوات المشتركة والتحالف العربي إلى مدينة الحديدة.
ما بعد الحديدة وليس ما قبلها هو ما سيحدد قوة حكومة الشرعية وإمكاناتها ومدى جديتها في مسألة الحسم العسكري لإخضاع الحوثي وكسر نفوذه وسيطرته، فالمعركة الحقيقية لم تبدأ بعد، ومن أوصل هادي وجنوده إلى مشارف الحديدة قد يحط رحاله هناك ويدع بن دغر وشرعيته يواجهون مصيرهم داخل المدينة ويواصلون المسير نحو صنعاء.. فماذا بعد أسوار الحديدة؟ وما السر وراء صراخ الحكومة وإصرارها هذه المرة على الحسم العسكري؟!