زيارة العليمي إلى الإمارات تضاعفُ من إرباك “الإخوان” في اليمن

(شبكة الطيف) أبو ظبي
تحمل جولة رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي، التي تشمل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، دلالات سياسية عميقة. في ظل التطورات الملفتة التي تشهدها المناطق المحررة لاسيما في علاقة تحجيم جماعة الإخوان وإعادة هيكلة المؤسسات.
 
ويرى محللون، أن زيارة العليمي إلى الإمارات من شأنها أن تضاعف إرباك إخوان اليمن، الذين يواجهون وضعا هو الأصعب على ما يبدو منذ اندلاع الحرب في اليمن.
 
وتوجه رئيس مجلس القيادة الرئاسي، الاثنين، إلى العاصمة الإماراتية أبوظبي في زيارة تستغرق عدة أيام، على أن يزور لاحقا الرياض.
 
وتزامنت الجولة مع حملة إعلامية يقودها إخوان اليمن ضد العليمي على خلفية المواجهات المسلحة التي شهدتها محافظة شبوة (جنوبي اليمن) خلال الأيام الماضية. وانتهت بسيطرة ألوية العمالقة الجنوبية وقوات دفاع شبوة على المحافظة بعد طرد القوات المتمردة التابعة لحزب الإصلاح.
 
وقالت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) إن زيارات العليمي إلى أبوظبي والرياض تأتي “تجسيدا للعلاقات التاريخية الراسخة مع دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، ودورهما الفاعل في إطار تحالف دعم الشرعية، فضلا عن دعمهما الإنساني والاقتصادي السخي للتخفيف من معاناة الشعب اليمني، وتعزيز مسار الإصلاحات التي يقودها مجلس القيادة الرئاسي على مختلف المستويات”.
 
ونقلت الوكالة عن رئيس المجلس الرئاسي إشادته “بالعلاقات الثنائية المتميزة مع دولة الإمارات، التي أرسى مداميكها الشيخ الراحل زايد بن سلطان آل نهيان، وصولا إلى المواقف الإماراتية الشجاعة بقيادة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، إلى جانب الشعب اليمني وقيادته السياسية على طريق استعادة الدولة وإنهاء انقلاب الميليشيات الحوثية الإرهابية”.
 
واعتبر مراقبون، أن الزيارة بمثابة إعلان عن القطيعة مع سياسة الشرعية خلال فترة الرئيس السابق عبدربه منصور هادي. التي شابها الكثير من التوتر مع دول التحالف العربي نتيجة لهيمنة حزب الإصلاح على قراراتها. وتوجيه سياستها باتجاه معاداة دول التحالف تنفيذا لأجندة التنظيم الدولي لجماعة الإخوان وبعض دول الإقليم التي عملت على تغذية العداء داخل الحكومة الشرعية تجاه التحالف العربي الذي تقوده السعودية.
 
وكان رئيس المجلس الرئاسي، قد عبر في اجتماع مع رئيس وهيئة مجلس النواب عن رفضه لحملة الإساءات التي تطال السعودية والإمارات. في تأكيد على تحول عميق في تعاطي الشرعية مع حلفائها، على خلاف الوضع السابق الذي كانت تغذيه جماعة الإخوان داخل مؤسسات الشرعية.
 
وقال إياد قاسم، رئيس مركز “سوث 24” للأخبار والدراسات، إن‏ “الزيارة تؤكد من ناحية على أنّ الأوضاع في المناطق الجنوبية والمحررة لا تدعو إلى القلق، وهي رسالة للخارج أكثر منها للداخل، خصوصا بعد الأحداث التي شهدتها محافظة شبوة في الجنوب”.
 
وأضاف قاسم “من ناحية أخرى، تمثّل تطورات شبوة إحدى نتائج الإصلاحات العسكرية والأمنية التي بدأها العليمي وأعضاء المجلس لإعادة ترتيب صفوف الجبهة المناهضة للحوثيين. حيث أنها تأتي ضمن منظومة قرارات لتشكيل اللجنة العسكرية والأمنية والتغيير والهيكلة التي شملت وزراء ومحافظين وقادة مناطق عسكرية. بالإضافة إلى إصلاح منظومة القضاء بهدف إشراك الأطراف الفاعلة وتجاوز سياسة الإقصاء”.
 
واستدرك قائلا: “لكنّ الأكثر إلحاحا من وجهة نظري إلى جانب ما سبق، هو الملف الاقتصادي والخدمي الذي لم يشهد تحسنا عمليا حقيقيا منذ إعلان تشكيل المجلس الرئاسي في أبريل 2022. لذلك ستكون ‘الوديعة الإماراتية – السعودية’ الملف الأبرز في جدول هذه الزيارة، خصوصا وأنّ الإجراءات التي طُلبت من الجانب اليمني تم تنفيذها وفقا لمصادر داخل البنك المركزي في عدن”.
 
وأشار قاسم إلى أن زيارة العليمي تأتي أيضا بعد زيارة المبعوث الأميركي الخاص لليمن تيم ليندركينغ إلى دولة الإمارات. وبالتالي من المرجّح أن يكون مشروع الهدنة الموسّعة التي ترعاها الأمم المتحدة حاضرا في نقاشات هذه الزيارة، خصوصا في ظلّ إصرار الحوثيين على عدم تنفيذ التزاماتهم من الهدنة حتى الآن.
 
وتعليقا على الأنباء التي تتحدث عن تمدد المواجهات بين ألوية العمالقة والقوات التابعة لحزب الإصلاح إلى مناطق أخرى داخل محافظة شبوة والطريق الرابط بين شبوة وحضرموت وإمكانية انتقال التوتر في مرحلة لاحقة إلى محافظة حضرموت المجاورة، حيث يحتفظ الإصلاح بقوات في وادي حضرموت، قال قاسم: “لا يمكن الجزم بخطط التحركات العسكرية الحاصلة الآن. وأحداث شبوة جاءت نتيجة طبيعية لعملية ‘تمرد’ على قرارات المحافظ والمجلس الرئاسي.
 
وبالتالي فإنّ تعزيز السيطرة الأمنية والعسكرية على محافظة شبوة وطريقها الدولي الذي يمر بحضرموت ويربط جنوب اليمن بالسعودية. فضلا عن تأمين قطاعات النفط فيها، ضرورة منطقية لتثبيت الاستقرار من ناحية، ولتعزيز الاقتصاد والخدمات من ناحية أخرى، والحيلولة دون وقوعها بأيدي الجماعات المخربة أو المتطرفة”.
 
ومن جهته وصف عزت مصطفى، رئيس مركز فنار لبحوث السياسات، زيارة العليمي إلى الإمارات في هذا التوقيت بأنها تعكس أهمية التنسيق والتكامل المشترك بين الشرعية اليمنية ودول التحالف العربي وبخاصة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية بعد انتقال السلطة الشرعية في اليمن إلى مجلس القيادة الرئاسي. لافتا إلى أن العليمي ونوابه في مجلس الرئاسة يستشعرون أهمية إنهاء مرحلة من الفتور في التنسيق المشترك مع دول التحالف تسببت بها سيطرة حزب الإصلاح على قرار الرئاسة اليمنية قبل مشاورات الرياض اليمنية التي أفضت إلى نقل الرئيس السابق السلطة إلى المجلس الرئاسي.
 
وأضاف: “يدرك العليمي أهمية مساندة السعودية والإمارات للمجلس إذا أراد تحقيق تقدم ملموس في تطبيع الحياة العامة في المناطق المحررة وتحسين الخدمات للمواطنين، وبخاصة الكهرباء، والسيطرة على سعر صرف الريال اليمني وإحداث استقرار في قيمته الشرائية وضبط الأداء الاقتصادي للحكومة وارتفاع المؤشرات الاقتصادية في اليمن إلى تحسن”.
 
وقال: “يبرز ملفان مهمان في هذا التوقيت، أولهما حصول اليمن على الوديعة والدعم المالي من قبل السعودية والإمارات المعلن عنه في ختام مشاورات الرياض في أبريل الماضي، خاصة وأن الأداء الحكومي قد تحسن بإشراف من مجلس الرئاسة الذي أجرى تعديلا في تشكيلة الحكومة وتزايدت الثقة بالتوافق الذي شكله مجلس القيادة الرئاسي بإرسائه معايير للشفافية والنزاهة والرقابة، لاسيما مع التغييرات في السلطة القضائية وتفعيل دورها”.
 
وأضاف: “الملف الثاني يتعلق بقضية الهدنة مع الحوثيين التي ترعاها الأمم المتحدة وبحث احتمالات استمرارها وما قد يترتب بعدها من عملية سلام مع ميليشيا الحوثي أو عودة المواجهات معها إذا وصلت خروقاتها إلى مستوى خطير، وهذا يتطلب أيضا دعما دبلوماسيا إماراتيّا – سعوديّا لمجلس القيادة ومباركة من التحالف العربي للإصلاحات الجارية في المؤسسة العسكرية”.

*نقلا عن صحيفة العرب