وحيد الفودعي يكتب : البنك المركزي اليمني – حقائق وأرقام

(شبكة الطيف) كتب : وحيد الفودعي

البنك المركزي اليمني مؤسسة يمنية عريقة يستوجب الحفاظ عليها والدفاع عنها بضمير، تعرضت لعديد من الصدمات خلال السنوات الماضية ولا تتحمل المزيد.

وبعيداً عن المزايدين بالوطنية، محافظ البنك له منا كل الاحترام والتقدير ونحن في كتاباتنا نناقش اداء البنك والثغرات المصاحبة لبعض ادواته وننادي باصلاحات في الحدود الدنيا ولا نستهدف من ذلك أحداً، ربما يشعر فقط من هُددت مصالحه انه مستهدف، غير ان ما يكتب يصاغ بأسس منهجية، وان كانت (البوستات) الأخيرة التي كتبتها في صفحتي على فيس بوك تتميز بالبساطة واللغة العامية غير انها ايضاً تستند الى اوراق ودراسات علمية رصينة.

استاذي محافظ البنك اليمني انا معه وفي صفه، واقدر حرصه وتركيزه مؤخراً في الحصول على الدعم أو الوديعة باسرع وقت وطرق مختصرة ممكنة وهي مني ايضاً لمجلس القيادة بقيادة د. رشاد العليمي والحكومة برئاسة د. معين عبد الملك، لكن في المقابل اوصيهم بالتركيز على الاصلاحات، يعملون عليها تكتب لهم في صفحات التاريخ.

من بيان البنك المركزي يوم أمس، سأتناول الجزء الخاص بالانجازات التي تحدث عنها، ولن اناقش ابتعاده عن اللغة الرسمية والحصافة، كما لن اتطرق على مقدار الضرر الذي لحق بي نتيجة هذا البيان الذي فهمه البعض انه ضدي واستخدم كمحرض أساس للنيل مني، ما الحقني ضرراً كبيراً، وعرض حياتي للخطر من خلال التهديدات المباشرة وغير المباشرة التي تصلني، لا اعتقد ان هذا يرضي ادارة البنك، بان يتعرض باحث وموظف في البنك للخطر قدم للبنك والحكومة ولازال يقدم الكثير من الدراسات والابحاث والاوراق التي اعتمدت الاسلوب العلمي في التحليل والخروج بنتائج ووضع توصيات لصناع القرار.

لقد ذكر البنك في بيانه ان الادارة الحالية عندما صُدر قرار بتشكيلها كان سعر الصرف 1800 ريال/دولار،
هذا جزء من الحقيقة لأن الحقيقة الكاملة أيضا ان الادارة الجديدة اتت للبنك وسعر الصرف 650 ريال/دولار حيث انخفض الصرف مباشرة بعد صدور القرار وقبل أن تكتمل التهاني والتبريكات للمحافظ ونائبه وبقية الاعضاء والوكيل، ولا علاقة للادارة الجديدة بهذا الانجاز بتاتاً.

ربما سيقول قائل ان 650 ريال/دولار هو سعر صرف غير حقيقي نزل بسبب العوامل النفسية وتفاؤلات السوق بعد قرار اعادة تشكيل مجلس الادارة،
نعم اتفق مع هذا الطرح وأضيف أن 1800 ريال/دولار ايضا سعر صرف غير حقيقي، حيث صعد الصرف بفعل فاعل وبفعل تشاؤم السوق، الجميع يدرك ذلك.

تدرك الادارة الحالية جيدا انها اتت وسعر الصرف الحقيقي 930 ريال/ دولار تقريبا وفقق دراسة اعددتها بطلب من نائب المحافظ وأشاد اغلب اعضاء مجلس الادارة بها، هذا ابتداءً.

كما أن سعر الصرف الذي انعكس على السلع والخدمات خلال الفترة منذ تولي الادارة الحالية وحتى اليوم هو اعلى سعر صرف وصل اليه السوق ويقترب من 1300 ريال/ دولار، واي انخفاض عن هذا الرقم خلال الفترة لم يكن الا سرقة المواطنين وسرقة مزادات البنك المركزي فقط، لان الانخفاض لم ينعكس على السلع والخدمات، بينما السعر الحقيقي الذي يفترض ان يستهدفه البنك المركزي اقل بكثير من هذا الرقم وفق الدراسة سابقة الذكر.

لقد شهد سعر الصرف منذ تولي الادارة الحالية زمام الأمور تذبذبات حادة صعوداً وهوبطاً لم يشهد لها مثيل في اي من الادارات السابقة المتعاقبة للبنك، وفي ابجدياتنا الاقتصادية ان التذبذبات أخطر بكثير من بقاء السعر مرتفعاً لما لها من مخاطر سوقية على قطاعات مختلفة ومنها الحكومة التي تخسر ايضا نتيجة بيع مزادات اسبوعية بأقل من قيمتها الحقيقية عندما خصوصاً عندما يعمد اللاعبين تخفيض سعر الصرف في يوم المزاد بغية الحصول على دولارات الدولة بأقل الاسعار، ثم يصعد السعر مرة اخرى بعد اكتمال المزاد في لعبة واضحة ومكشوفة.

الانجازات ارقام كان على البنك في بيانه بالأمس قراءة هذه الارقام، وكنا سنشيد بانجازات الادارة الحالية حال اقنعتنا بأنها استطاعت فعلياً السيطرة على سوق الصرف، واخذت زمام المبادرة واستطاعت توجيه الصرف حيث السعر المستهدف المدروس من قبلها واستطاعت الحفاظ على استقرار الصرف في المدى القصير عند السعر المستهدف ومنه ستستقر اسعار السلع والخدمات وهو الهدف النهائي في المحصلة.

لقد فشلت الادارة الحالية في تحقيق الاستقرار رغم استنزاف ما يربوا 700 مليون دولار خلال ثمانية أشهر، بينما تعاقب 3 محافظين لاكثر من اربع سنوات على وديعة 2 مليار تبقى منها 174 مليون، بمعنى 450 مليون في العام الواحد، وحققوا انجازاً مقبولاً في الحفاظ على استقرار الصرف باستثناء الازمة المفتعلة المفضوحة نهاية عام 2021 .

فشلت الادارة الحالية في تحقيق اي استقرار في سعر الصرف رغم التعافي الاقتصادي وتضاعف ايرادات الدولة من النفط والضرائب والرسوم منها الرسوم الجمركية حيث لأول مرة تحقق فائض ويحسب للحكومة هذا الانجاز، بينما الادارات السابقة للبنك عانت الكثير بفعل اختلالات المالية العامة.

البناء المؤسسي للبنك لازال هشاً ولا يوجد اي تطور ملموس بل ويستوجب الامر التحقيق في ذلك، هناك تعمد بعدم احداث اي تقدم في بناء قدرات البنك من قبل الادارات المتعاقبة للبنك المركزي، وتستمر الادارة الحالية على نفس النهج، نسمع جعجعة ولا نرى طحيناً، تنفق ملايين الدولارات من قبل الداعمين لبناء القدرات، بينما لا نلمس اي تطور في البناء المؤسسي للبنك.

قطاع الصيرفة خارج السيطرة ولازال هو المتحكم في سوق الصرف بل والمتحكم بأغلب وظائف البنوك التي انعدمت الثقة بها نتيجة تأخر البنك المركزي عن معالجة ووضع الحلول المناسبة لمسببات انعدام الثقة بالقطاع المصرفي.

اللوائح الاخيرة وان لاقت قبول لدى المؤسسات الدولية الا ان فيها عواراً كبيراً، وتخلق مجالاً للتفسيرات والاجتهادات الشخصية، مثلاً لوائح البنوك قد تعرقل تاسيس بنوك جديدة نحن في امس الحاجة لها، هذه اللوائح يجب ان تعدل لتكون مرنة تلبي متطلبات الواقع المصرفي المعاش، اعطت البنك المركزي الحق المطلق في رفض تصاريح انشاء بنوك حتى وان لبت جميع الشروط، وعندما يثار جدل حول ذلك، يخلق المسؤول في البنك الف عذر، واقرب عذر هو تشكيكه عن مصادر الاموال والحديث عن غسل الاموال وما شابه ذلك، كما تخلق نافذة للابتزاز والرشوة والمحسوبية والمناطقية، ومثلها لوائح الصرافة غير المنطقية والتي تضع البنك المركزي امام خيارين كلاهما مر، اما ان ترفض من قبل الصرافين وتزيد من سوداوية سوق الصرافة، واما ان تقبل وهذا يضيف عبئ على البنك المركزي يتمثل بتتبع مصادر الاموال ومشروعية الاعمال التي يقوم بها الصراف، فمحل الصرافة (محل وحيد بطبيعة الحال) لا يبيض ذهبا حتى يطلب منه 700 مليون.

المزادات تعرفون جيد الثغرات التي رافقت تنفيذها ومؤشرات الفساد والتلاعب فيها، شخصت الدراسة المرسلة اليكم تشخيصا علميا دقيقا هذه المزادات ووضعت التوصيات، غير ان الادارة تذهب وتستمر في تنفيذ المزادات دون اكتراث، المزادات لا يستفيد منها سوى المستفيدين منها وهم مجموعة مصالح مترابطة تضم أكثر من مستفيد، اما الشعب فلا يستفيد منها سوى مزيد من عدم الاستقرار وتذبذبات سعر الصرف، اضافة الى هدر او استنزاف كبير لاحتياطيات البنك، يحدث ذلك في ظل بدائل متاحة متعددة.

مسألة اعادة الثقة بالقطاع المصرفي مسألة جوهرية غابت عن اهتمامات الادارة الحالية، هذه وحدها يفترض بالبنك المركزي ان يخصص لها جزء من الدعم الموعود لمعالجتها، ومع ذلك يمضي بتنفيذ ادواته وهو يعلم انها كسراب بقيعة نتيجة انعدام الثقة.

اغلب ادوات السياسة النقدية ليست متاحة للبنك المركزي ولازالت تدار من صنعاء، فالاحتياطي الالزامي اهم اداة نقدية يدار من صنعاء، وغرفة عمليات المخاطر الائتمانية والاستعلام تدار من صنعاء، وغيرها كثير، ماذا فعلت الادارة الحالية حيال ذلك.

البنية التحتية المتمثلة بالانظمة المالية وانظمة الدفع والربط الشبكي للبنوك والصرافين وتنظيمها مع البنك المركزي، مالذي فعلته الادارة الحالية حيال تبنيها وتطويرها، هذه لا تحتاج معجزات فقط تحتاج ارادة.

خلاصة القول، البنك المركزي فاشلاً، والمسببات والتحديات كثيرة ولا تتحملها الادارة الحالية وحدها، بل هي متراكمة، بعضها من الاستحالة بمكان التغلب عليها، وهناك تقصير متعمد من قبل الادارات المتعاقبة في معالجتها.

السابق تقييم مختصر لاداء البنك وأهم ظائفه، هناك الكثير من الأمور التي يصعب الحديث عنها والتي لازالت تناقش بأطر رسمية بعيدا عن الاعلام.

رسالة أخيرة لكل من: محافظ البنك اليمني
ومجلس القيادة بقيادة د. رشاد العليمي والحكومة برئاسة د. معين عبد الملك، اوصيهم بالاصلاحات الفعلية في الحدود الدنيا ثم الوديعة التي نأمل ان يستفيد منها كافة الشعب اليمني وان لا تحصر الاستفادة في مجموعة ضيقة من جماعة المصالح، الله الله في هذا الشعب الذي يعول عليكم كثيراً ولم يعد يتحمل المزيد.