الحكومة: سنراقب بحذر سلوك طهران وخبراء يمنيون عن اتفاق السعودية وإيران: الكرة في ملعب طهران

 

(شبكة الطيف) عدن

رحبت الحكومة اليمنية بالاتفاق السعودي – الإيراني المعلن برعاية صينية لعودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، لكنها قالت إنها ستستمر في التعامل بحذر مع النظام الإيراني حتى تغيير سلوكه بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول. وأكدت الحكومة اليمنية في بيان رسمي «إيمانها الصادق بالحوار وحل الخلافات بالطرق الدبلوماسية والوسائل السلمية»، وقالت إنها تشدد «على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وتدعم أي توجه جدي ومخلص يحمل نيات حسنة لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة». وقالت وزارة الخارجية اليمنية في بيان لها: «تأمل الحكومة اليمنية أن يشكل اتفاق المملكة العربية السعودية، وإيران، مرحلة جديدة من العلاقات في المنطقة، بدءا بكف إيران عن التدخل في الشؤون اليمنية، وألا تكون موافقتها على هذا الاتفاق نتيجة للأوضاع الداخلية والضغوط الدولية التي تواجه النظام الإيراني». وأوضحت الحكومة اليمنية أن موقفها «يعتمد على أساس الأفعال والممارسات لا الأقوال، والادعاءات»، وأكدت «الاستمرار في التعامل الحذر تجاه النظام الإيراني حتى ترى تغيرا حقيقيا في سلوكه، وسياساته التخريبية في اليمن والمنطقة».

من جهته، رحب «المجلس الانتقالي الجنوبي» بالاتفاق، وقال المتحدث باسم المجلس علي الكثيري في بيان إن المجلس «يأمل أن يسهم الاتفاق في توطيد الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم». وفي أول رد حوثي على الاتفاق، قال المتحدث باسم الجماعة الحوثية محمد عبد السلام فليتة وهو المسؤول الفعلي عن خارجية الجماعة، إن «المنطقة بحاجة لعودة العلاقات الطبيعية بين دولها تسترد بها الأمة الإسلامية أمنها المفقود نتيجة التدخلات الأجنبية». وزعم المتحدث الحوثي أن «التدخلات الأجنبية عملت على الاستثمار في الخلافات الإقليمية واتخذت الفزاعة الإيرانية لإثارة النزاعات».

في غضون ذلك، استقبل الشارع السياسي اليمني الاتفاق السعودي – الإيراني بالتفاؤل والريبة في الوقت نفسه، إذ يعتقد البعض أنه سيشكل مدخلا لعزل الحوثيين عن إيران وصولا إلى تسوية لإنهاء النزاع، فيما يرى آخرون أن الميليشيات الحوثية لن تتوقف عن مشروعها للاستحواذ على السلطة في البلاد بالقوة وتثبيت أقدام الانقلاب.

وحسب مراقبون بات اليمن أول اختبار حقيقي أمام طهران عقب الاتفاق مع السعودية، وذلك إثر تعقيدات الملف الذي يقف فيه وكلاء إيران حجر عثرة أمام السلام.

ويرمي الاتفاق الكرة في ملعب طهران ويضعها مكشوفة أمام العالم، خصوصا في الملف اليمني نظرا لارتباط المليشيات الحوثية وقرارها بموقف إيران وأجندتها في المنطقة، وفقا لخبراء يمنيين.

ووصف الخبراء، في أحاديث منفصلة لـ”العين الإخبارية”، الاتفاق السعودي الإيراني بـ”الخطوة المهمة” على طريق مسار التهدئه وخفض التصعيد العسكري في اليمن، وأنه يضع طهران أمام اختبار جديد لإجبار مليشيات الحوثي للجلوس على طاولة المفاوضات مع بقية الأطراف اليمنية.

كما أجمع الخبراء على أن “الاتفاق مع السعودية مرهون بالتزام أذرع ووكلاء إيران بالمنطقة”، في إشارة إلى مليشيات الحوثي الانقلابية.

وتوصلت السعودية وإيران، الجمعة، إلى اتفاق برعاية صينية يقضي باستئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما وإعادة فتح سفارتيهما وممثلياتهما خلال مدة أقصاها شهران، وذلك بعد 7 أعوام من قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

انعكاسات إيجابية
ويشكل استعادة العلاقات بين إيران والمملكة العربية السعودية مدخلا مهما لتحقيق اختراق في الملف اليمني حال صدقت نوايا طهران وذراعها الانقلابية في اليمن وجنحت المليشيات للسلم، وفقا للباحث السياسي ذويزن السوائي.

وقال السوائي، لـ”العين الإخبارية”، إن اتفاق السعودية وإيران يعد “خطوة مهمة في مسار التهدئة وخفض التصعيد العسكري في اليمن، نظرا لارتباط المليشيات الحوثية وقرارها بموقف إيران وأجندتها في المنطقة”.

وأضاف أن “إيران ومعها أذرعها في المنطقة بما فيها الحوثيون أمام اختبار حقيقي يتمثل في تعاطي هذا المحور مع التوجهات السعودية الجادة لإنهاء ملفات الصراع والتوتر في المنطقة، ورسم ملامح مرحلة جديدة تقوم على السلام والحوار لإنهاء النزاعات والحروب”.

وأشار إلى أنه “من المبكر التعويل على انصياع المليشيات للسلام والتوصل إلى اتفاق دائم ينهي الحرب والانقلاب، غير أن الاتفاق الإيراني السعودي لا شك ستكون له انعكاسات إيجابية، أهمها حدوث تهدئة عسكرية قد تقود إلى صنع سلام في اليمن حال كان السلام خيارا لطهران وحلفائها”.

حديث السوائي، أكدته عضو “هيئة التشاور والمصالحة” في اليمن ألفت الدبعي، قائلة إن “الاتفاق السعودي الإيراني لا شك ستكون له آثار إيجابية على دول المنطقة وعلى قرار السلام في دول عدة وفي مقدمتها اليمن”.

وشددت الدبعي، في تحليل طالعته “العين الإخبارية”، على ضرورة أن “يستغل اليمنيون هذا الاتفاق في إنجاز استحقاق دولة النظام والقانون التي تسع الجميع”.

وقالت “أثبت هذا الاتفاق أن المملكة العربية السعودية تسعى لحماية النظام العربي وإقرار السلام في المنطقة، كما أثبت حضورها الدولي الهام والذي يجب أن تستغله الدول العربية لمصلحتها”.

كما أثبت الاتفاق الجديد عبر الوساطه الصينية في اليمن، أن النظام دولي متعدد الأقطاب، وهذا التعدد الدولي سيساهم في خلق توازن دولي ينهي التفرد بالقرار الدولي، كما يبشر بخلق توازن دولي يجب أن يحقق الاستقرار ويعزز السلم والأمن الدوليين”، وفقا للمسؤولة الحكومية.

اختراق جدار تعنت الحوثي
في السياق، قال مدير مركز “سوث 24″ للدراسات في اليمن يعقوب السفياني إن الاتفاق له انعكاسات إيجابية و”قد يدعم خطط الضغط على الحوثيين للجلوس على طاولة المفاوضات، وتحقيق اختراق في جدار التعنت الحوثي”.

وتوقع السفياني، في حديثه لـ”العين الإخبارية”، أن تتجه الأمور في اليمن نحو هدنة طويلة الأمد وموسعة ووقف إطلاق النار قد تطرح فيها ضمانات أمنية للسعودية، أو قد تكون هدنة بمواصفات اتفاق سلام”.

وقال إن “الاتفاق يفرض على طهران أولا وقف تدخلاتها في شؤون المنطقة، وفي مقدمتها اليمن جارة السعودية، لكي يكون للاتفاق أرضية واقعية ومصداقية فضلا عن كبح جماح أذرعها ووكلائها لزعزعة أمن المنطقة”.

كما “يجب على إيران أن تضغط لدفع وكلائها إلى طاولة المفاوضات منها مليشيات الحوثي مع بقية الأطراف، ما يمهد لحل الأزمة باليمن، والتي تشكل خطرا مباشرا على الأمن القومي السعودي”، وفقا للخبير اليمني.

وبحسب الخبير اليمني فإن “البلدين كانا بحاجة ماسة لهذا الاتفاق لجوانب أمنية وسياسية، وإذا كان هناك نوايا صادقة من قبل إيران قد يمثل تحولا استراتيجيا ويلقي بظلاله على أمن المنطقة”.

ما قاله السفياني أكده الباحث السياسي اليمني فيصل الشارحي، مؤكدا أن “الاتفاق السعودي الإيراني ستكون له آثار إيجابية على دول المنطقة وفي مقدمتها اليمن”.

ويرى الباحث اليمني، في حديث لـ”العين الإخبارية”، أن “الاتفاق وضع الكرة في ملعب طهران وجعلها مكشوفة أمام العالم لإثبات مدى جديتها في الملف اليمني، باعتباره أول اختبار رئيسي نظرا لتعقيدات هذا الملف الذي يقف فيه الحوثيون (وكلاء إيران) حجرة عثرة في طريق تحقيق السلام بالبلاد”.