تعبيد طريق الحرير يمر عبر ضخ المزيد من القروض الصينية لدول العبور .. وأمريكا في أفريقيا.. عصر جديد للشراكة ومساعٍ لمنافسة الصين وروسيا

 

(شبكة الطيف) بكين

متذكرة “آلام الماضي” ومستشرفة مستقبلا “عظيمًا” بين الولايات المتحدة وأفريقيا، حاولت أول نائبة سوداء لرئيس أمريكا، إعادة بلادها مرة أخرى إلى القارة السمراء.

وتختتم نائبة الرئيس الأمريكى كامالا هاريس زيارتها إلى غانا التي بدأتها يوم الأحد، بعد اجتماع مائدة مستديرة مع رائدات أعمال، لتتوجه إلى دار السلام العاصمة التجارية لتنزانيا، حيث ستقابل رئيسة البلاد سامية سولوهو حسن غدا الخميس.

بعدها، تصل هاريس إلى زامبيا يوم الجمعة، لمقابلة رئيس البلاد هاكيندي هيشيليما. ومن المقرر أن تغادر زامبيا السبت وتصل عائدة إلى الولايات المتحدة الأحد.

وفي جولتها الأفريقية والتي بدأتها نائبة الرئيس الأمريكي بغانا، تعهدت بعصر جديد من الشراكة مع أفريقيا، و”مستقبل مدفوع بالابتكار الأفريقي”، وإطلاق العنان للإبداع الأفريقي وللنمو الاقتصادي، وتقديم إمدادات الرعاية الصحية الطارئة وتوفير اللقاحات.

تغيير الصورة
تعهدات تأمل من خلالها نائبة الرئيس الأمريكي محاولة تغيير الصورة التي باتت في أذهان “الشركاء” الأفارقة، من أن واشنطن باتت أقل اهتمامًا وتعتبر القارة السمراء مجرد قضية خيرية، بحسب مسؤول أمريكي لشبكة “سي بي سي نيوز” الأمريكية.

ورغم أن هاريس تحاول مجاراة روسيا والصين في المنافسة العالمية حول مستقبل أفريقيا، إلا أنها كانت حريصة على التقليل من دور المنافسات الجيوسياسية خلال رحلاتها في القارة السمراء.

وقال مسؤول أمريكي لشبكة “سي بي سي نيوز” الأمريكية، إن المخاطر ستكون كبيرة بالنسبة لهاريس في هذه الرحلة، مشيرًا إلى أن مهمتها تتمثل في إقناع الدول الأفريقية بأن الولايات المتحدة تؤمن بمستقبلها وترغب في الاستثمار.

وبحسب الشبكة الأمريكية، فإن هذا التصور كان مدفوعًا بعدم اهتمام إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب السابقة، وما وصف به بعض الدول الأفريقية في عام 2018 بأنها “دول الجحيم”.

وتقول “سي بي سي نيوز”، إن تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة العام الماضي على قرار يدين العملية العسكرية الروسية لأوكرانيا أدى إلى تركيز الانتباه على أفريقيا، خاصة أن نصف الممتنعين عن التصويت من دول أفريقية، بما في ذلك تنزانيا، التي من المقرر أن يزورها هاريس هذا الأسبوع بعد غانا.

على صعيد آخر قدّمت الصين على مدى السنوات العشرين الماضية 240 مليار دولار كقروض إنقاذ إلى 22 دولة نامية تواجه خطر التخلّف عن سداد ديونها، وهو رقم ارتفع في السنوات الأخيرة، بحسب تقرير نشر الثلاثاء.

يأتي هذا في الوقت الذي بدأت فيه بعض الدول تلجأ إلى التمويل الصيني، رغم مخاطره، لمواجهة تشدد صندوق النقد الدولي في شروطه لفرض إصلاحات اقتصادية تضع الدول المستفيدة من القروض في حرج أمام شعوبها.

وذهبت المليارات الصينية تقريبا إلى دول تشكل قسما من طرق الحرير الجديدة لاسيما سريلانكا وباكستان وتركيا.

وهذا المشروع الطموح الذي أطلقته بكين بدفع من الرئيس شي جينبينغ يهدف إلى تحسين العلاقات التجارية بين آسيا وأوروبا وأفريقيا وحتى أبعد من ذلك عبر بناء موانئ وسكك حديد ومطارات ومجمّعات صناعية.

وهذه البنى التحتية يفترض أن تتيح للعملاق الآسيوي الوصول إلى المزيد من الأسواق وفتح منافذ جديدة لشركاته.

وهذا المشروع الذي انضمّت إليه أكثر من 150 دولة بحسب بكين، يواجه انتقادات على الصعيد الدولي بسبب المديونية الخطيرة التي يشكّلها على الدول الفقيرة.

وبدا أن الصين التي متنت علاقاتها اقتصاديا في آسيا وأفريقيا تريد أن تستثمر ذلك في لعب دور سياسي من خلال طرح وساطتها بين السعودية وإيران ونجاحها في تأمين اتفاق بينهما. ويتوقع كذلك أن تسعى الصين لتمديد وساطتها بين الرياض وطهران كي تشمل التأثير على الوضع في اليمن لتأمين طريق الحرير البحري.

ورغبة الصين في تأمين طريق الحرير البحري ستدفعها إلى الانغماس أكثر في مشاكل المنطقة، وما سيساعدها على تفكيك أزمات الشرق الأوسط أنها أصبحت الشريك التجاري الأول لمعظم دول المنطقة.

وتعمل بكين على إنجاح وساطتها في حرب أوكرانيا في وقت قوبلت فيه بانتقادات غربية شديدة لكونها لا تقدر على أن تكون وسيطا فيما هي منحازة لروسيا، وهو ما يظهر عدم الاستعداد الغربي للقبول بالدور السياسي الصيني الطارئ.

ورفضت الحكومة الصينية الثلاثاء الانتقادات الموجّهة لهذا المشروع، متّهمة “بعض الأشخاص” بـ”إثارة ضجّة حول ما يسمّى ‘فخّ الدين’ وقروض غامضة صينية وتشويه صورة الصين، وهو أمر نرفضه تماما”.

وأكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ في تصريح صحفي أنّ “الصين لم ترغم أبدا أحدا على اقتراض المال، ولم ترغم أيّ دولة على الدفع، ولا تطرح أيّ شرط سياسي على اتفاقيات القروض ولا تسعى إلى أيّ مصلحة سياسية” ضمن هذا النظام.

وبحسب التقرير الواقع في 40 صفحة والذي أصدره مركز الأبحاث الأميركي “AidData” والبنك الدولي ومعهد هارفرد كينيدي ومعهد كييل للاقتصاد العالمي فإنّ القروض التي منحتها الصين ارتفعت بين 2016 و2021، وهي الفترة التي تركّز فيها 80 في المئة من المبلغ الإجمالي الذي مُنح على مدى عشرين سنة.

وقال التقرير إنّ “الصين طوّرت نظام ‘إنقاذ طرق الحرير الجديدة’ الذي يساعد الدول المستفيدة على تجنّب التخلف عن السداد ومواصلة تسديد قروضها على الأقل على المدى القصير”.