الصين تتأهب لمواجهة ستارلينك بأساطيل من الأقمار الصناعية… وتتحدى أميركا “بالرقاقات” في حرب من نوع آخر

(شبكة الطيف) بكين

تكثف الصين جهودها لتطوير شبكة إنترنت تعمل بالأقمار الصناعية يمكنها منافسة “ستارلينك” المملوكة للملياردير الأميركي إيلون ماسك، والتي توسعت بسرعة في جميع أنحاء العالم وعرضت تطبيقاتها العسكرية في عملية دفاع أوكرانيا ضد روسيا.

إلا أن طموح بكين لبناء شبكة عريضة النطاق عبر الأقمار الصناعية يواجه عقبات من ضمنها قدرة الإطلاق المحدودة والحواجز التكنولوجية.

فيما أكدت قدرة “ستارلينك” على الحفاظ على اتصالات إنترنت عالية السرعة بأوكرانيا على رغم تلف البنية التحتية للاتصالات السلكية واللاسلكية في البلاد، حاجة بكين إلى أساطيل مماثلة من الأقمار الصناعية تدور بالقرب من الأرض تُعرف باسم الأبراج.

ولتحقيق ذلك، دعا باحثون عسكريون صينيون إلى نشر أسرع للأبراج في البلاد، مشيرين إلى مخاوف من أن تصبح المدارات الرئيسية مزدحمة، وفق تقرير نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” أمس الأحد.

وبالفعل بدأت الصين بتشييد مواقع الإطلاق الجديدة على أراضيها، وتوسعت صناعة الأقمار الصناعية في البلاد مع دخول شركات جديدة مملوكة للدولة وكذلك شركات القطاع الخاص.

60 قمراً صناعياً دفعة واحدة
في موازاة ذلك تسعى إحدى الشركات الخاصة، وتدعى “Beijing Tianbing Technology”، إلى تطوير صواريخ لنشر ما يصل إلى 60 قمراً صناعياً في عملية إطلاق واحدة وهي تقريباً نفس الحمولة من صواريخ “فالكون 9” القابلة لإعادة الاستخدام جزئياً التي تستخدمها “سبيس إكس” لتزويد “ستارلينك”.

واتخذت الشركة الشهر الماضي خطوة مهمة نحو بناء مركبات قابلة لإعادة الاستخدام عندما أرسلت صاروخاً يعمل بالوقود السائل إلى المدار لأول مرة.

وأصبحت عملية تطوير ونشر الأقمار الصناعية أولوية وطنية للصين في أبريل/نيسان 2020، عندما أدرجتها أكبر وكالة للتخطيط الاقتصادي في البلاد في قائمة رغبات “البنية التحتية الجديدة” كجزء من سعي بكين لتحقيق الاكتفاء الذاتي في التقنيات الرئيسية.

7808 أقمار صناعية
كذلك في وقت لاحق من ذلك العام، تلقى الاتحاد الدولي للاتصالات، وهو وكالة تابعة للأمم المتحدة تسجل أساطيل الأقمار الصناعية، ملفات الصين الخاصة بمجموعتين يبلغ مجموعهما 7808 أقمار صناعية على الأقل.

وأطلقت الصين عام 2022، 182 قمراً صناعياً، أي أقل من عُشر الأقمار التي تم نشرها من الولايات المتحدة، وفقاً لجوناثان ماكدويل، عالم الفيزياء الفلكية الذي يتتبع رحلات الفضاء العالمية.

كما تسارعت التطورات في صناعة الفضاء الصينية بعد أن فتحت بكين المجال للقطاع الخاص في عام 2014، على الرغم من أن الشركات المملوكة للدولة لا تزال تهيمن على القطاع، إلا أن شركة Orbital Gateway’s Curcio تقول إن هناك الآن حوالي عشرين شركة إطلاق تجارية في البلاد.

أقمار لتعقب الجيش الأميركي
يذكر أن الصين كانت أول دولة تهبط بمركبة “روفر” على الجانب البعيد من القمر في عام 2019، وتهدف إلى إعادة عينات من المريخ في عام 2030. وقال الجنرال تشانس سالتزمان، رئيس العمليات الفضائية للقوة الفضائية، في جلسة استماع بالكونغرس في مارس/آذار ، إن الصين لديها بالفعل أكثر من 700 قمر صناعي عاملاً في المدار، يتم نشر نصفها تقريباً من قبل الجيش لتعقب القوات الأميركية في جميع أنحاء العالم.

وأكثر من 30 قمراً صناعياً تشكل نظام “بيدو” للملاحة الفضائية، البديل الصيني لنظام تحديد المواقع العالمي الذي تديره الولايات المتحدة.

على صعيد آخر يمكن رصد علامات الصراع المتنامي بين الولايات المتحدة والصين في العديد من الأماكن والمجالات، بدءاً من بالونات التجسس إلى مقاطع الفيديو على تيك توك، لكن لا يوجد مكان أكثر وضوحاً لتجلي هذا الصراع مثل الحرب على رقاقات السيليكون المجهرية، والمعروفة باسم أشباه الموصلات.

فأشباه الموصلات، أو الرقائق الدقيقة، هي قطع صغيرة من التكنولوجيا تعمل على تشغيل كل شيء من الموجات الدقيقة إلى الأسلحة العسكرية.

وتبلغ قيمة هذه الصناعة أكثر من 580 مليار دولار، لكن حتى هذا الرقم يتناقض مع أهميتها بالنسبة للاقتصاد العالمي.

فوجود هذه الرقائق يدعم البضائع والعمليات بما قيمته عدة تريليونات من الدولارات، وبدونها يتوقف الاقتصاد العالمي

الصراع على تايوان
لذلك تعتبر مصدر قلق للكثيرين حيث إن أكثر من 90٪ من أشباه الموصلات في العالم مصنوعة في المكان الذي يعتقد العديد من المسؤولين الأميركيين أنه يمكن أن يكون موقع الصراع العالمي التالي وهو تايوان، بحسب ما أفادت صحيفة “غارديان” البريطانية اليوم الاثنين.

وإذا قامت الصين بضم تايوان، وهو الأمر الذي يعتقد المسؤولون الأميركيون أنه يمكن أن يحصل في العقد المقبل، فستجد واشنطن مثل بقية العالم إمدادها من أشباه الموصلات معطلاً بشكل كبير.

فيما تسعى بكين لتعزيز قدرتها المتقدمة على أشباه الموصلات لتكون أكثر مرونة اقتصادياً في حالة حدوث غزو، ولكن أيضاً كوسيلة لتطوير جيشها لتكون مستعدة لمثل هذا الصراع.

مع ذلك، تستخدم الولايات المتحدة أدوات التجارة الدولية لتقويض هذه الجهود.