التوترات في البيضاء وسقطرى تربك الشرعية والحوثيين

(شبكة الطيف ) العرب :
العرب

أكدت مصادر يمنية مطلعة أن الوضع في محافظة البيضاء (وسط اليمن) قابل للانفجار في أي لحظة إثر التوتر المتصاعد بين الحوثيين وقبائل المحافظة التي تداعت لطلب القصاص من عناصر تابعة للحوثيين في المحافظة أقدمت على اقتحام منزل في مديرية “الطفة” وقتل امرأة، وهو ما اعتبرته القبائل انتهاكا للأعراف والقيم اليمنية.

ويتزامن التصعيد في شمال اليمن بين قبائل محافظة البيضاء والحوثيين مع تصعيد آخر شهدته محافظة أرخبيل سقطرى جنوبا حيث تشهد الجزيرة حالة غير مسبوقة من التوتر بعد مقتل مواطن مُوالٍ للمجلس الانتقالي الجنوبي على أيدي عناصر مسلحة تتبع المحافظ المدعوم من الإخوان رمزي محروس، وسط اتهامات إخوانية للسعودية بدعم الانتقالي الجنوبي.

ويشير مراقبون إلى أن الأزمة اليمنية مقبلة على المزيد من التعقيد، نتيجة لجولات الصراع التي تلوح في الأفق، وتفاقم الوضع المعيشي والصحي بسبب تفشي فايروس كورونا على نطاق واسع في المناطق الخاضعة للشرعية أو تلك التي ما زالت تحت سيطرة الميليشيات الحوثية وفقا لمصادر طبية متواترة أكدت رصد العشرات من الحالات المصابة بالفايروس.

وتشهد محافظة البيضاء الاستراتيجية التي تشترك في حدود مع ثماني محافظات يمنية أخرى، حالة من التحشيد العسكري المتبادل بين رجال القبائل بقيادة الشيخ القبلي والقيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام ياسر العواضي من جهة، وبين الميليشيات الحوثية من جهة أخرى، في ظل أنباء عن فشل جهود الوساطة.

وأعلن العواضي في وقت سابق عن فشل وساطة عمانية لرأب الصدع والتوصل إلى حل قبلي لإنهاء التوتر الذي تصاعد بعد دعوة أطلقها العواضي لقبائل البيضاء للاحتشاد تحت ما يسمى “النكف القبلي”، حتى يستجيب الحوثيون لمطالب أولياء دم جهاد الأصبحي التي تم قتلها في منزلها بمنطقة “الطفة” من قبل مسلحين حوثيين، وتتضمن المطالب تسليم المتورطين باقتحام المنزل وإطلاق سراح الأسرى والمعتقلين من أبناء قبيلة القتيلة.

وبحسب مصادر قبلية مطلعة في محافظة البيضاء، فقد لاقت دعوة العواضي استجابة واسعة من قبائل محافظات البيضاء ومأرب وشبوة التي تداعى بعضها إلى مديرية ردمان معقل الشيخ العواضي، في الوقت الذي ما زال الحوثيون يرسلون لجان الوساطة المختلفة للمنطقة بالتوازي مع استقدام ميليشيات مسلحة من صنعاء وذمار في محاولة لكسب المزيد من الوقت واستكمال الاستعدادات لمواجهة محتملة.

وحث السفير البريطاني في اليمن مايكل آرون الطرفين على ضبط النفس. وقال في تغريدة على تويتر “نتابع بقلق التطورات في محافظة البيضاء إثر مقتل الفتاة جهاد الأصبحي. ندعو الحوثيين وقبائل البيضاء إلى ضبط النفس ووقف التحشيد المسلح”.
ويرفض ياسر العواضي، بحسب تسجيلات مسربة له، تدخّل الحكومة والتحالف العربي في الخلاف بينه وبين الحوثيين، معتبرا أن هذا الخلاف له أبعاد قبلية واجتماعية ولا يحتمل التدخل السياسي.

وشرع الحوثيون في تصعيد خطابهم الإعلامي تجاه أزمة البيضاء، بعد فشل جهود الوساطة واتجاه الأمور نحو المواجهة المسلحة، من خلال مطالبة العواضي بتسليم من وصفهم نائب وزير خارجية الحوثي حسين العزي في تغريدة على تويتر بالعناصر الإرهابية، وهو أمر دأب عليه الحوثيون لإضفاء الشرعية على أي عملية تجاه خصومهم السياسيين بعد وصمهم بدعم الإرهاب.

وتخشى الجماعة الحوثية من خروج المواجهات المحتملة مع قبائل البيضاء عن السيطرة، في ظل تنامي مؤشرات على تصاعد حالة الغضب الشعبي من الممارسات الحوثية في المحافظة وتزايد الانتهاكات التي يقوم بها عناصر الميليشيات ومشرفيهم والتي تنوعت ما بين القتل بدم بارد والاختطافات وتفجير المنازل وصولا إلى انتهاك الحرمات.
وفي المعسكر المناوئ للحوثيين تتسع دائرة الانقسامات مع تعثر تنفيذ اتفاق الرياض بين المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة وعودة التوترات السياسية والإعلامية والعسكرية وصولا إلى الصدام المباشر في أرخبيل جزيرة سقطرى الذي ما زالت تداعياته مستمرة وفقا لمصادر يمنية.

وقامت حشود غاضبة من المواطنين في مدينة حديبو عاصمة أرخبيل سقطرى، الاثنين، باقتحام مبنى السلطة المحلية ورفع صور طاهر علي عيسى الذي قتل برصاص عناصر إخوانية، وطالبت بإقالة المحافظ الموالي للإخوان رمزي محروس، قبل أن تغادر تلك الحشود المبنى بناء على طلب قوات تابعة للتحالف العربي.

وكشفت مصادر سياسية يمنية لـ”العرب” عن ارتباط التصعيد في سقطرى بمشروع إخواني ممول من قطر لتهيئة الوضع للتدخل التركي من خلال إيجاد موضع قدم لهذا التدخل على الطريقة الليبية نفسها. ووفقا للمصادر ذاتها تنحصر خيارات التدخل التركي في سقطرى إلى جانب سواحل محافظة شبوة وميناء المخا بمحافظة تعز، وهي مناطق ساحلية تعاني من حالة تحرش إعلامي وسياسي وعسكري إخواني مستمر.

وأكدت المصادر نفسها لـ”العرب” تعرض معسكر “العلم” التابع للتحالف العربي في شبوة لهجوم بقذائف الهاون، بعد سلسلة من الاعتداءات على المعسكر الذي يتحكم في الطريق الرابط بميناء بلحاف الذي يسعى الإخوان للسيطرة عليه.

وتندرج التوترات التي تشهدها سقطرى في إطار المشروع التركي في اليمن، وخصوصا أن هذا التوتر جاء بعد زيارة سرية قام بها محافظ سقطرى رمزي محروس لإسطنبول والتقى خلالها بقيادات إخوانية متطرفة على صلة وثيقة بالمشروع التركي في اليمن.

وجدد وزير الداخلية اليمني المرتبط بقطر، أحمد الميسري، الثلاثاء، هجومه على التحالف العربي على خلفية التطورات التي تشهدها جزيرة سقطرى، وحمّل الميسري في تسجيل مرئي خاص بقناة الجزيرة، السعودية مسؤولية تحديد الجهة المعطلة لاتفاق الرياض.

واتهم الميسري الرياض التي تقود التحالف العربي بالتواطؤ مع المجلس الانتقالي، مضيفا أن “الرئيس هادي لم يكن موفقا عندما وافق على تأخير دخول الجيش إلى عدن استجابة لرغبة السعودية”.

واعتبر وزير الداخلية اليمني الذي دأب في الفترة الأخيرة على مهاجمة التحالف العربي أن مشروع “الإدارة الذاتية” هو مشروع “إماراتي بامتياز صمم وأعلن ويدار من أبوظبي”.

وتشير تقارير إلى تورط الميسري إلى جانب وزراء في الحكومة الشرعية، مثل صالح الجبواني وزير النقل ونبيل الفقيه وزير الخدمة المدنية المستقيلين، في العمل من داخل الحكومة اليمنية لصالح الأجندة القطرية والتركية في اليمن والعمل على إفشال “اتفاق الرياض” والدفع نحو الصدام العسكري بين الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي.