الزاحفون نحو الكرامة

عبدالجبار عوض الجريري

صورة عظيمة هي حينما ترى الأطفال والكبار والصغار بل وحتى النساء من كل مدن وقرى ومحافظات الجنوب يشاركون في الزحف نحو العاصمة عدن لإحياء الذكرى الحادي والعشرين لإعلان فك الارتباط عن الجمهورية العربية اليمنية التي أعلنها الرئيس علي سالم البيض عام 1994م بعدما تيقن آنذاك أن الوحدة أنتهت إلى ساحل الغدر والخديعة التي لم تكن في حسبان الجنوبيين .

لم يصدق أبناء الجنوب عام 1994م أن ألطرف المشارك في الوحدة اليمنية المنتهية كان يخطط منذ اللحظات الأولى لهذه الوحدة للانقلاب على الجنوبيين وإرادتهم وتحويل أرض الجنوب إلى مقاطعة اقتصادية ترزح تحت حكم أصحاب الجيوب المفتوحة وذوي الفساد الكبير الذين سرقوا حلم أبناء الجنوب في الوحدة وحولوه إلى كابوس يراودهم ليل نهار !

الزاحفون نحو العاصمة عدن في هذه الأيام يؤكدون للجميع على تمسكهم بمطلب الحرية والاستقلال ويرفضون كل أشكال المشاريع المنتقصة من حق الجنوبيين في تقرير مصيرهم وإنشاء دولتهم المنشودة على تراب الجنوب .

هذا الزحف العظيم الذي يرسم لنا لوحة أسطورية من لوحات النضال الإنسلاني ، ويفتح لنا آفاق جديدة في الأمل والاستبشار بمستقبل واعد وحافل بالعطاء لهذا الشعب الصابر المكلوم الذي ما زال على مبدأه في تحرير أرضه وطرد المغتصبين لثرواته وكرامته التي يزحف لأجلها صوب العاصة عدن .

من أقصى المهرة ومن وسط وديان وصحراء حضرموت ومن فوق جبال وتلال لحج والضالع ومن السواحل الذهبية والفضية لمحافظة أبين وشبوة يمضي الجنوبيون بعزم وإصرار في مواكب مهيبة مبجلة مشاة وركبانا ومن كل حدب وصوب تجاه عدن التي سيقولون فيها كلمتهم للجميع حتى لا يتركوا فرصة للمزايدين والغوغائيين الذين يتحدثون باسم شعب الجنوب من الفضاء الخارجي ومن قلب عاصمة الاحتلال لتزوير الإرادة الجنوبية وتوشيهها أمام الرأي العام الخارجي والداخلي .

السلمية الجنوبية التي جلعت المحتلين يستخدمون كل الوسائل لكسرها ما زالت هي نقطة القوة التي يتمتع بها شعب الجنوب ، وليس كما قال وزير داخلية الاحتلال من أن ” الحراك المسلح ” كما اسماه أخطر على دولتهم من أي فصيل وتيار آخر !

ربما يقصد بهذه التسمية الباطلة شعب الجنوب المتسلح بالعزيمة والإصرار والسلمية التي ينظر إليها المحتل على أنها أشد سلاح يستخدمه أبناء الجنوب ضد طغيانه وجبروته وعنهجيته المنتشرة على كل شبر من أرض الجنوب .

الكثيرون هم من يريدون تزوير الحقائق وتعتيمها وليس باراسين وحده من يفعل ذلك حينما يقول إن وجود عبد ربه منصور هادي الوضيعي  – نسبة إلى منطقته الوضيع – سهل للحراك الجنوبي وللجنوبيين التظاهر والقيام بالفعاليات في مختلف مناطق الجنوب !! ربما يكون باراسين نسى بسبب شدة البرودة في العاصمة صنعاء أو تعمد نسيان المجازر التي وقعت في ظل وجود عبد ربه منصور هادي في الضالع وعدن وحضرموت وشبوة .

ثم ماذا يحصل الآن في العاصمة عدن ألا يتم قمع المظاهرات السلمية والمهرجانات أمام مرأى ومسمع عبد ربه منصور ؟ هذا الكذب والتجني على الواقع الذي يصدر من قبل بعض الأشخاص لن يغيب الحقائق التي يسطرها يومياً أبناء الجنوب بدمائهم الطاهرة وأنفسهم الأبية .

خابوا وخسروا فما لجوئهم إلى استعمال الكذب والتزييف إلى دليل على فقدانهم لأدنى مصادقية وموضوعية في الطرح كما كانوا يتغنون بذلك سابقاً.

صبر الجنوبيين وثباتهم كفيل بإزالة هذا الاحتلال طال الأمر أم قصر ، لأن الاحتلال يلفظ في هذه الأثناء أنفاسه الأخيرة في حين أن الجنوبيين يزدادون عزيمة وإصرار وتحدي وهو ما سوف يجعل برحيل المحتل قريباً إنشاء الله .