الفن المعماري في صنعاء.. لوحة عمرها مئات السنين

شبكة الطيف – محيط : 

تتميز صنعاء بطابعها المعماري الفريد من نوعه، والذي ظلت محافظةً عليه منذ مئات السنين، ويستطيع الزائر لها ملاحظة هذا التميز الذي حافظت عليه العاصمة اليمنية على الرغم من الزحف العمراني الحديث الذي عجز عن طمس هويتها المعمارية.

ولعل أبرز ما يميز العمارة الصنعانية اللون الخاص للأحجار التي تستخدم في البناء، والتي تسمى محلياً بـ”الياجور”، ويمتاز هذا النوع من الأحجار بأنه خفيف الوزن، وهو عبارة عن ألواح من الطين المحروق.

وبسبب خفة وزن “الياجور” يتم بناء الطوابق العليا منه للتخفيف من الحمولات على أساسات البناء وللإبقاء على الحرارة المكتسبة من الشمس لتدفئة المنزل وخصوصاً في أيام الشتاء، حيث يمتاز “الياجور” بأنه يكسب الحرارة بسرعة ويفقدها ببطء، فضلاً عن كلفته الرخيصة، مقارنة باستخدام الأحجار وسهولة تشكيله وزخرفته لتزيين واجهة المبنى.

ولم تثبت الدراسات تاريخاً محدداً لبناء مدينة صنعاء، لكن هناك تاريخاً تقريبياً، حيث تثبت بعض الدراسات أن إنشاءها تم منذ ما يزيد عن 2000 عام، أما النمط المعماري الحالي في صنعاء القديمة فلا يتجاوز عمره 500 عام كما اثبتت ذلك الكثير من الدراسات العلمية، بحسب الباحثة المتخصصة في الفن المعماري “نادية الكوكباني”.

وتضيف “الكوكباني”، الأستاذ المساعد في كلية الهندسة بجامعة صنعاء، في حديث للأناضول أن “أهم ما يميز العمارة الصنعانية بنائها البرجي الذي يصل إلى سبعة أدوار، والذي يعتمد على العائلة الممتدة للأب والابن والأحفاد”، مشيرةً إلى أن “هذا البناء البرجي من الناحية الاقتصادية حافظ على ترك مساحات للأراضي الزراعية”.

ومن الناحية الأمنية -بحسب الباحثة- كانت للمدينة أسوار محصنة بأبراج حراسة يطلق عليها “نوبة”، كما ساعد التدرج في الفتحات على الواجهات الصنعانية على الخصوصية وعلى الامن الداخلي للمنزل.

وتضفي النواحي الجمالية والزخرفية في الواجهات عليها ندرة وتميزا مرتبطة بذات الانسان اليمني العاشقة للجمال ولتغذية الروح بكل ما هو جميل.

وتسرد “الكوكباني” عددا من الأسماء لأبرز المعالم المشهورة المندثرة، وغير الموثقة بشكل تاريخي كبير في صنعاء، مثل “قصرغمدان”، بالإضافة الى معالم مازالت موجودة في العصر الحالي منها “الجامع الكبير” الذي بني بأمر من النبي محمد “صلى الله عليه وسلم” في السنة السادسة للهجرة، وهناك سوق صنعاء القديمة المميز بتقسيماته التجارية المختلفة للبضائع.

كما تشتهر في صنعاء القديمة “الحمامات العامة التي يطلق عليها الحمامات التركية، نسبة الى التأثير التركي على عمارة صنعاء”، وهناك “المقشامة” وهي البستان الذي يحوي تغذية صنعاء من الخضار وبعض الفاكهة الموسمية.

كما أن هناك “السماسر”، وهي الخانات القديمة التي تحولت إلى محلات تجارية ومقاهي في العصر الراهن، إضافة إلى المنزل الصنعاني البرجي المميز ببنائه وزخارفه لبعض العائلات الكبيرة والمعروفة في صنعاء.

وتختتم “الكوكباني” حديثها بالقول إن “الفن المعماري في صنعاء يتميز بندرته في العالم وحفاظه على ذاته حتى العصر الحالي”، معللة ذلك “بأنه انطلق من حاجة الناس ولخدمة الناس”، مشيرةً الى “إهمال شديد للمدينة وتراثها المادي والمعنوي معاً في العصر الحالي”.

وتضيف أنه “ما لم تتكاتف الجهود الحكومية والمجتمعية ومنظمات المجتمع المدني للحفاظ عليه فسوف نفقد المدينة بالتدريج، خاصة وأن هناك الكثير من المنازل التي تهدمت ومنازل في خطر إذا لم ترمم بشكل سريع، فالمدينة بحاجة الى استراتيجية شاملة للحفاظ على كل مكوناتها ونابعة من رغبة الناس في أن تكون هذه الحلول ناجعة ومفيدة لهم وللمدينة الفريدة في العالم”.