النجمة الحمراء في العلم الجنوبي .. إسلامية الرمز وثورية الدلالة

 

د.عبيد البري 

يعتقد البعض أن النجمة الحمراء في علم الجنوب مستوحاة من الثورة الاشتراكية .. ومثل هذا التأويل أو ما شابهه ، لا أساس له من الصحة . ولكن بالتأكيد أن مصدر التشكيك ليس إلا أولئك الذين نعتوا الجنوبيين بالمرتدين ، وهم فقط المستفيدون من التشويه بالنجمة الحمراء ، لأننا رأينا خطورتهم على الإسلام في فتاوى موجهة ضد الشعب الجنوبي . فالنجمة الحمراء موجودة أيضا في أعلام دول عربية وإسلامية لم يكن لها يوماً أي علاقة مع الثورة الاشتراكية مثل : تونس والجزائر وجيبوتي وغيرها .

والنجمة كشكل هندسي – كما هي عليه اليوم – لم تظهر إلى الوجود إلا في الحضارة الإسلامية على يد العلماء المسلمين في الفلك والهندسة الذين اعتمدوا رسمها بالتنسيق المنتظم لأضلاعها الخمسة بحيث يشير رأس واحد منها فقط إلى الأعلى ليرمز إلى التوحيد . والنجمة بشكل عام ترمز إلى العلياء والتفوق والبطولة ، أما عددها في أي علم ، فغالباً ما يدل على عدد مكونات الدولة المعنية بدلالة العلم .

 

وعلى الرغم من تشابه بعض الدلالات في أعلام الدول العربية ، تميز العلم الوطني الجنوبي برمزية وطنية وقومية وإسلامية فريدة ، حيث مر بمرحلتين مختلفتين عن بعضهما :

(الأولى) مرحلة الثورة المسلحة ضد الاستعمار : وفيها كان يعتبر علماً للجبهة القومية للتحرير ، ويتكون فقط من ثلاثة مستطيلات متساوية ومتوازية لكل منها لون من ثلاثة ألوان مرتبة من الأعلى إلى الأسفل : الأسود ، الأبيض ، الأحمر (على عكس ترتيب علم الجمهورية اليمنية حالياً) .. ليرمز الأسود إلى الاحتلال ، والأبيض إلى المستقبل المشرق ، والأحمر إلى الحرية والثورة .

 

(الثانية) مرحلة الاستقلال : تحول منذ يوم الاستقلال إلى علم الدولة المستقلة مع تعديلات جوهرية المعنى ، فانعكس ترتيب الألوان الثلاثة ليدل الأسود في الأسفل على ماضي احتلال ، وأضيف اللون الأزرق ليدل على السماء والسمو والاتساع في شكل مثلث يشير رأسه إلى الاتجاه ، وتتوسطه نجمة حمراء … والرمزان معاً (المثلث والنجمة) يدلان على الثورات العربية كثورة واحدة في اتجاه واحد .

 

ويدل اللون الأحمر في النجمة والمستطيل الأحمر ، في علمنا الجنوبي ، على الحرية وتخليد دماء شهداء الثورة الذين قدموا أرواحهم فداءاً لوطنهم ودينهم وحرية شعبهم .. ويدل أيضاً على الثورة نفسها باعتبارها وسيلة الحصول على الاستقلال والسيادة . وترمز خماسية الأضلاع المنتظمة في النجمة إلى أركان الإسلام الخمسة وإلى الصلوات الخمس .

 

وهكذا سنضل نعتز بعلم دولتنا جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية بما يحتويه من رمزية ثورية وإسلامية للدولة منذ قيامها في 30 نوفمبر 1967م على الرغم من التغيرات السياسية والأيدلوجية التي طرأت بسبب وجود قيادات لا تنتمي في الأصل إلى الجنوب ، ولكنها استطاعت خلال العشر السنوات الأولى من عمر الدولة أن ثقوم بانقلابين سياسيين ، نتج عنهما تصفية الصف الأول من قادة الثورة والدولة بغرض حرف المسار السياسي من صفته الوطنية الجنوبية المنطقية ، إلى صفة إقليمية يمنية تفتقر إلى أي منطق .

 

فإذا كانت المحصلة النهائية لحرف المسار السياسي الوطني الجنوبي فد نتج عنها قيادة جنوبية غير شرعية ، لتدخل في تكوين دولة وحدوية غير شرعية ، وبالتالي خرجت منها بصورة غير شرعية ، فإن من واجبنا التمسك بشرعية استقلال وطننا ، وشرعية هويتنا ، وشرعية ثباتنا على أرضنا ، وشرعية علمنا الوطني الذي يحمل رمزية الإسلام ودلالة الثورة والحرية والمستقبل المشرق لدولتنا .

 

وأخيراً ، إن تواجهونا بالمدفع نواجهكم بعلمنا الوطني ، وحتماً سننتصر بإذن الله لدماء شهدائنا.

 

د. عبيد البري