قيادات انانيه وشعب حر عظيم‏

 
د.محسن الجبيري 

صحيح اننا سئمنا من الكتابة وسئم شعبنا بالمناداة لوحدة الصف الجنوبي لقيادات لم تعرف قدر نفسها, وصحيح ان اغلب الكتاب الجنوبيين صخروا اقلامهم في مواضيع تكاد اغلبها موجهه الى تلك القيادات بدلا من ان توجه الى الخارج في فضح كل ما يعانيه شعبنا, لكن سنظل نكتب نكتب حتى نرى الضؤ في نهاية النفق دام في شعب حي وعظيم يستحق كل شيء , مر ما يقارب سبع سنوات على الحراك ووصل الى اعلى مراحله من الحشد الميداني اي اننا نستطيع  نقول ان كل شعب الجنوب اتفق على هدف واحد لا غير وهو التحرير والأستقلال واستطاع ان يوصل رسالته الى العالم من خلال نضاله السلمي ومليونياته السلمية المتتاليه, بل اجزم واقول انها اول ثورة تحرريه يخرج نصف ابناؤها الى ميادين النضال السلمي, لكن في المقابل مع الأسف الشديد فشل العمل السياسي فشلا ذريعا في ايصال رسالة هذا الشعب بسبب الأنانية والأدمان على الزعامة وحب الذوات, لم تنجح فقط تلك القيادات في ايصال رسالة شعبنا, بل عملت على تشويه ثورتنا السلمية ومبادئها ووصّلت رسالة للعالم مفادها ان الجنوب يتجه الى المجهول وذلك من خلال خلافاتهم التي سئمنا منها والغير مبرر لها  والتي اعطت للعالم انطباع خاطىء ومخاوف لا يستهان بها, 
 
 
ومنها استثمرت قوى الشر للأحتلال وضخمتها وعززت من موقفها  بالأستمرار في نهب ثروات الجنوب وقتل ابناءه وبقاء الأحتلال جاثما على صدورنا. لقد تنادت منذ بداية الثورة اصوات شعب الجنوب تدعو الى تجاوز مرحلة الخلافات وتطالب بالتعقل والحوار وتضع مصلحة الوطن ومستقبل ابناءه فوق كل المصالح الضيقة, والقطع مع الغلو والتنطّع من كل الجهات, غير ان تلك القيادات مع الأسف الشديد ورغم عجزها عن ايجاد حل لخلافاتها والوقوف صفا واحدا في وجه العدو الحقيقي, لا تزال تصر على الأباء والعناد والمكابرة والأنغلاق والكل يدعي بأنه على حق ومن يختلف معه في الرأي فهو خائن, ويعتقد من خلال الشعارات الرنانه ان الشعب الى جانبه وتناسى بأن الشعب يناضل من اجل تحرير وطن لا من اجل عبادة اصنام.. 
 
لقد صارت مفردة وحدة الصف اكثر شيوعا من قبل الشعب وفي الصحافة والخطابات والجلسات والمقايل واللقاءات العادية والرسمية لابناء الجنوب, خاصة بعدما وصل الوضع بالجنوب الى اسواء مرحلة عرفها من التنطع والانغلاق والتردي والأختلاف والتخوين والأقصاء والتهميش, بالأضافه الى المؤامرات التي يواجهها شعبنا وثورته التحرريه من قبل الأحتلال وعملائه, ولا ابالغ ان قلت ان المشهد العام في الجنوب صار منقسم على نفسه وتتجاذبه الاطراف المدمنة على الخلافات .. لقد ادمنت قيادات الجنوب على خلق خلافات وصراعات لا مبرر لها, في حين كان من الاجدر ومن المفترض ان لا ينبغي لمثل هذه الخلافات دام جميعنا مع تحرير الوطن واستقلاله.. العمل على وحدة الصف ليس شديد التعقيد اذا وجدت النوايا المخلصه, وهو بالتالي ليس صعب المنال في هذه المرحلة الخطيره من تاريخ شعبنا وثورته التحررية, لهذا ينبغي على القيادات الجلوس مع نفسها والتفكير جيدا  بالعمل على وحدة الصف والابتعاد عن العناد والغرور والأنانية وذبح بعضها بعضا ومعها مصير ومستقبل شعب.. في اعتقادي ان تلك القيادات المريضة لا يمكن ان يأتي منها خير ابدا, ولا يمكن ان تواجه استكبار وطغيان الأحتلال, لأنها غارقة فيه الى حبل الوريد, فهي ما زالت بعيدة جدا عن طموحات شعبنا واحلامه, لهذا لشعبنا الحق في لفظها التي استثمرت تضحياته من اجل مصالحها, ولذلك احجم ان يراهن شعبنا عليها بأنها ستحمل همومه واحلامه نحو التحرير والاستقلال, اذ لا نرى في تلك القيادات الاّ الوهم والخداع والزيف, نراها ترفع شعار التحرير والأستقلال والتعدد والوفاق والمصالحة, وهي اكثر الناس مخالفه لتلك الشعارات.. لقد ملّ شعبنا منها ومن صراعاتها المستمره وهو من يدفع ثمن تلك السلوك والتصرفات الصبيانية.. ان هذه الصراحة التي تبدو للبعض قاسية لا تحتاج الى تدليل لمن يعرف الواقع السياسي للجنوب, وان اردت شاهدا على ذلك, فانظر كيف عملت تلك القيادات الفاشله جر الشباب الطاهر الى مربعها واصبح منقسم على نفسه بسبب تلك القيادات..
 
ان المتابع للشأن الجنوبي يلاحظ ان الذين يطرحون موضوع وحدة الصف انواع, فمنهم من يطرحها مزايدة ومجاراة وارضاء لقوى خارجية مع عدم وجود النية الصادقة والتنازل لبعضهم البعض من اجل الوطن, ومنهم من يطرحها كذبا ونفاقا وذلك من اجل ايهام  الشارع الجنوبي انه يسعى في الظاهر الى وحدة الصف, ومنهم من يتناولها من منطلق مبدئي ووطني, لا من منطلق مغالبة او منافسة او ارضاء لاحد, حيث لم يدفعه الى مثل هذا العمل الاّ الاخلاص لدينه ثم وفاؤه لشعبه وخدمة لوطنه.. نتمنى بأن من تلك القيادات اذا كانت تقرأ ما يكتبه الجنوبيين وما ينادي به شعبنا في وحدة الصف ان تحافظ على شعرة معاويه مع شعبها الصامد ان تدرك خطورة المرحلة التي يمر بها شعبنا والتي تهدد مستقبله وتسارع في العمل على رص ووحدة صفوفها حتى نستطيع مواجهة التحديات الكبيرة في هذه المرحلة المفصلية والخطيره والتي سيتحدد مستقبل الجنوب وابناءه