رسالة تذكير لسفير الاتحاد الأوروبي في صنعاء:

الاتحاد الاوربي

رسالة تذكير لسفير الاتحاد الأوروبي في صنعاء لماذا لا تتدخلون لوقف شعب كتالونيا من الانفصال عن أسبانيا

 بقلم : أحمد الشمسي 

سعادة السفير                           

* قرأتُ خبراً طازجاً نشر للتو على الانترنت يقول إن كتالونيا تطالب بالانفصال عن أسبانيا، فأين هي كتالونيا؟ تقع إلى الشمال من أسبانيا، وتتمتع بحكم ذاتي كامل الصلاحيات، عاصمتها برشلونه. حدودها: من الشمال أندورا وفرنسا، ومن الجنوب فيلنسيه، ومن الشرق البحر الأبيض المتوسط، ومن الغرب أراغونيا.

مساحتها: 32114 كيلومتراً مربعاً.عدد سكانها: 7 مليون و 571 ألف نسمة (إحصاءات عام 2012).

* اللافت للموضوع إنه قبل يومين بتاريخ 27/1/2014 أعلن الاتحاد الأوروبي ومفوضيته الأوروبية إنه لا يرغب في التدخل لحسم الجدل الدائر اليوم حول مطلب الكتالونيين بإجراء استفتاء شعبي عن استقلالهم بأنفسهم عن أسبانيا ( يشار إلى أن المفوضية الأوروبية عبارة عن حكومة للبلدان الـ 28 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وأسبانيا أحدى هذه البلدان).

* يتابع الخبر بأن السيد يوشيه مانويل باروزو رئيس المفوضية الأوروبية ومقرها بروكسل في بلجيكا أطلع الزعيم الكتالوني أرتور ماس Artur Mas بأن المفوضية الأوروبية لا تريد التدخل بين الكتالونيين والحكومة الاسبانية، لأن المفوضية من ناحية ليست معنية بموضوع هذا الاستفتاء الشعبي، ومن ناحية أخرى فإنه يجب مناقشة قضية الشعب الكتالوني بينه وبين أسبانيا، علماً بأن مقر باروز في بروكسل لا يبعُد كثيراً عن برشلونه ومدريد مثل بُعدُه عن عدن وصنعاء.

* ويقول الخبر أيضاً إن هذا الموقف غير المنحاز من المفوضية الأوروبية حول مطلب انفصال كاتالونيا تم اتخاذه بعد تلقي المفوضية رسالة من أرتور ماس طالب فيها مؤسسات الاتحاد الأوروبي وحكومات بلدانه الأعضاء بدعم الاستفتاء الشعبي حول استقلال كتالونيا والمخطط إجراؤه في شهر نوفمبر من العام 2014 الحالي.

* الأخبار المضادة تقول إن الحكومة الاسبانية تصور الاستفتاء بأنه غير دستوري، لأن دستورها يمنع إجراء استفتاء حول قضايا ذات صلة بالسيادة الوطنية، وبالرغم من ذلك فإن المفوضية الأوروبية لا تريد أن تتدخل بين مطلب الكاتالونيين و الحكومة الاسبانية في مدريد، وقالت للطرفين حلوا مشكلتكم بينكم البين، أنتم أحرار لا يعنينا أمركم.

* كما جاء في الخبر إن معظم الكتالونيين يفتخرون باختلاف ثقافتهم عن الأسبان، وهم متذمرون ويشكون منذ زمن طويل من الجبر القسري الواقع عليهم بأنه يجب عليهم تمويل الموازنة العامة الأسبانية من ثرواتهم وأموالهم الخاصة بهم، لهذا السبب وغيره تم استطلاع رأيهم مؤخراً حول استقلالهم، فأجاب 80% من الكتالونيين “نعم… نحن نريد إجراء الاستفتاء الشعبي لتقرير مصيرنا”.

سعادة السفير

* هنا ينتهي الخبر العجيب غير العادي، ولعل القارئ الكريم طرح داخل نفسه السؤال الاستنكاري التالي وهو: مال المفوضية الأوروبية لا تهتم بوحدة وسلامة أراضي أسبانيا وهي في عقر دار الاتحاد الأوروبي، وتهتم بالوحدة اليمنية البعيدة عن بروكسل!؟ قبل الإجابة على هذا السؤال، لا بد من تذكير القارئ بأن المفوضية الأوروبية نفسها لا تعترض ولم تعترض في السابق على الاستفتاء الشعبي الذي قرر الاسكتلنديون إجراءه في شهر سبتمبر من العام الجاري حول تقرير مصيرهم واستقلالهم عن انجلتره England بعد الاتفاق العملي حول ذلك في العام الماضي بين رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كميرون ونظيره الاسكتلندي أليكس سلموند!

* إذاااً الاتحاد الأوروبي يا سعادة السفير ودوله الأعضاء الكبار ( بريطانيا وفرنسا وألمانيا) لا يريدون التدخل وحشر أنفسهم في ما لا يعنيهم – حسب موقفهم المعلن – لأنه لا يهمهم انفصلت كاتالونيا أو اسكتلندا، فهما إذا قررا الانفصال بعد الاستفتاء، سيواصلان دفع حصتهما من الأموال المقررة عليهما لميزانية الاتحاد الأوروبي، إذا بقيا عضوان فيه، لأن الأخير ليس اتحاد أصلاً على أساس وحدة للأرض الأوروبية بين بلدانه الأعضاء، وإنما هو عبارة عن وحدة اقتصادية و جمركية و تنقل حر لمواطنيه بلا حدود ولا قيود، إضافة إلى وحدة للرأي في الشؤون الخارجية للاتحاد بخطوطها العامة فقط لا غير. أما الدول الأعضاء فيه فلا تزال تحتفظ بسيادتها القومية على أراضيها، ويحق لأي دولة عضو الخروج من الاتحاد الأوروبي في الوقت الذي يعجبها بدون إعلان الحرب عليها، على عكس ما فعل حلف وارسو القديم عندما شن حربه على تشيكوسلوفاكيا السابقة في عام 1968 لإيقاف محاولتها الخروج منه إلى أوروبا الغربية. إن فهمي لوحدة الاتحاد الأوروبي يمكن تسميتها بالوحدة المرنة التي لا ترضى لنفسها استخدام طريقة وحدة الضم والإلحاق والاحتلال لأراضي الغير بالقوة المسلحة، ولعل الوضع في بلدان مجلس التعاون الخليجي يكون أشبه بالاتحاد الأوروبي…

 

سعادة السفير

بالمختصر… فإن الاتحاد الأوروبي والدول الكبرى والصغرى الراعية لحوار صنعاء، وما تمخض عنه من محاولة ظالمة وتجديد تعسفي غير مقبول لوحدة الضم والإلحاق والاحتلال بالقوة العسكرية – إنما تنافق وتناقض هذه الدول نفسها مناقضة شديدة، عندما لا ترضى لغيرها ما تعتبر حدوث مثله شيئاً طبيعياً في بلدانها (الاستفتاء الشعبي لتقرير المصير في كتالونيا واسكوتلندا ماذا نسميه؟)، فإذا كانت هذه الدول تخشى على مصالحها في حال تم استفتاء شعب الجنوب العربي المحتل حول استقلاله، فهي لا ترى إلا مصالحها (كمَن يصيب الشعرة ويخطئ البعرة – حسب مدلول المثل الشعبي)، لأن سكان الجنوب كل حسب ثروات منطقته هم صاحب الحق الأول والأخير أباً عن جد في التصرف بثرواتهم فهم أصحاب وملاك الأرض، وإبرام اتفاقيات اقتصادية مع دولتهم الاتحادية القادمة هي الشرعية فقط، وهي الأضمن للشركات الدولية حاضراً ومستقبلاً، لأن البلد المجاور المحتل لا يتمتع بأي شرعية سياسية أو سيادية في الجنوب العربي، وما استحواذه على خيرات غيره إلا بقوة النار والحديد والاحتلال العسكري غير المرغوب فيه.

 

وهاهي الهبة الشعبية في الجنوب أكبر برهان على هشاشة إبرام اتفاقيات دولية مع محتل لأراضي غيره، حيث أوقفت الهبة في مستهل انطلاقتها نشاط شركات نفطية عالمية في حضرموت وشبوه، والحبل على الجرار. 

فلنسأل الشعب الجنوبي الآن أيش المشكلة: هل تريد ارتباط أو فك ارتباط… وسنرى!

 

وشكراً…

ـ قال الشيخ الجليل الراحل أحمد يسين مؤسس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) رحمه الله: “أنا لا أكره ولا أقاوم اليهود بسبب كونهم يهود، لا… ولكن لأنهم اغتصبوا واحتلوا أرضي، فحتى شقيقي الفلسطيني إذا استولى على أرضي سأقاومه حتى أستعيدها”. 

أحمد الشمسي