بعض بوح بعض ذاكرة الحلقة(11) حكايتي مع المؤتمرات العامة لاتحاد الأدباء

بعض بوح بعض ذاكرة الحلقة(11) حكايتي مع المؤتمرات العامة لاتحاد الأدباء

(شبكة الطيف) كتب/ محمد ناجي احمد

حصلتُ على عضوية اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين عام 1990، وقد ساعدني في نيل العضوية الأستاذ محمد بن محمد المجاهد، المسئول المالي لفرع الاتحاد بتعز، وحين اعتقلت عام 1992 كان لاتحاد الأدباء فرع تعز دور في المطالبة والاعتصام في مبنى النيابة من أجل إخراجي من معتقل الأمن السياسي.
لعز الدين سعيد أحمد نائب رئيس الاتحاد بتعز مناقب إنسانية شريطة ألاّ تضع نفسك منافسا له في ما يراه من احتكاراته، والاتحاد كان أحد تلك الاحتكارات. أكان ذلك في الترشيح للهيئة الإدارية أو للمجلس التنفيذي للاتحاد، وبعد ذلك في المجال الحقوقي ودكاكين المجتمع المدني.
المؤتمر العام لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين الذي عقد بعد الوحدة كان في بداية عام 1993م بصنعاء، وكنت أحد أعضائه مندوبا منتخبا عن فرع تعز. تفاجأ عز الدين لنجاحي مندوبا رغم سعيه لإسقاطي، أخبرني بذلك الصديق محمد الصانع وكان عضوا في مؤتمر فرع تعز، انصدمت من موقف عز الدين لأنه كان يبدي مشاعر ود ويتصرف بباطنية على النقيض منها.
كانت عضوية الاتحاد قبل انتخابات المؤتمر العام 1993م تمنح من الفروع، ثم تم تعديل النظام الأساسي لتكون العضوية حقا للمجلس التنفيذي، وكان عز الدين حريصا على منح العضوية بما يديم سيطرته على فرع تعز. صحيح كان القاضي محمد عقيل الإرياني رئيسا للفرع، لكنه كان أشبه برئيس فخري يدعم نشاط الاتحاد وينفق لإصدار مجلة الفرع وبرنامجه الثقافي، إضافة إلى مكانته التي تساعد في دعم السلطة المحلية لفرع الاتحاد.

عقد المؤتمر العام لاتحاد الأدباء والكتاب، وألقيت كلمات باسم رئيس الجمهورية ونائبه، وبعد البرنامج الخطابي بدأ تشكيل اللجان، وتم انتخابي في لجنة الفرز مع الأخ الأستاذ حينها عبد الكريم قاسم، كان وقتها يعد رسالة الماجستير عن حركات الإسلام السياسي . وهو باحث نادر وإنسان مضيء بالصوفية وطريق أهل الأشواق.
كانت رسالته للماجستير عن حركة الإخوان المسلمين في اليمن، ورسالة الدكتوراه فيما بعد عن “إخوان الصفا” رسالة تعكس القدرة والإبداع.
تم انتخاب عبد الكريم قاسم، الدكتور حاليا، والأستاذ عدنان أبو شادي وأنا وآخرين في لجنة الفرز، كان الانتخاب في مركز الدراسات والبحوث، والفرز في مقر الاتحاد جوار الجامعة القديمة، تم أخذ صندوق الاقتراع في سيارة مع عدنان أبو شادي ونحن في سيارة، حينها لم أكن حريصا على التدقيق لعدم الظن بوجود نية للتلاعب بالأصوات.
لكن بالتأكيد لم يكن اليسار الذي كان يقود الاتحاد آنذاك نزيها، لقد كان يشتغل بعقلية الاستحواذ على المنابر، والاتحاد منبره منذ التأسيس.
هل كان هناك إمكانية للتزوير؟
اقول نعم هناك إمكانية وربما فعل، فقد حرص عدنان أبو شادي على الاّ نكون بصحبة الصندوق أثناء نقله إلى مقر الاتحاد.
في انتخابات 1993م يبدو أن التصويت مرّ ضمن نتيجة متوقعه، لكن في انتخابات 1997م ومع تمدد المؤتمر الشعبي وضمه للاتحاد والنقابات، كان بدء صعود المؤتمر إلى المجلس التنفيذي والأمانة العامة بعدد كبير استمر في تنامي سيطرته حتى المؤتمر العام الذي عقد في عدن ربما 2010، مستخدما المال والعمل التنظيمي والأمني للاستحواذ المطلق على الاتحاد.
في انتخابات المؤتمر العام للاتحاد عام 1997م كنت مندوبا عن فرع تعز، وتم انتخابي عضوا في لجنة الفرز، كان الأستاذ عبد الودود سيف الشاعر والناقد والباحث وراء تزكيتي للجنة الفرز، وتمت الانتخابات في مركز الدراسات والبحوث، وهناك كان الفرز، إلاَّ أنني تفاجأت قبل عملية الفرز بضابط ألأمن السياسي في مركز الدراسات يقول لي صعدوا من أردتم واعملوا النتيجة التي تريدونها!
رفضت ذلك فتنبه عدنان أبو شادي وعبد الكريم قاسم وأحمد عبد الحميد أبو اصبع وأخذوا الضابط جانبا بعد أن وجدوني لن أقبل التزوير بالنتيجة، لكن عدنان أبو شادي رتب لطريقة الفرز، فقام بتوزيع أسماء المرشحين بورق بحيث ينشغل كل عضو في لجنة الفرز بعدد من الأسماء المرشحة، فلا يستطيع التأكد من صحة قراءة أوراق الاقتراع. وفي منتصف عملية الفرز شعرت بأن هناك أوراق اقتراع فيها اسم عبد الودود سيف ولا يتم قراءتها، فطلبت إعادة الفرز بحجة الاطمئنان على عدد الأصوات التي حصل عليها أخي احمد ناجي، وهو محل توافقهم، لكنني لو قلت بأنني أريد عد الأصوات التي حصل عليه عبد الودود فسيكون الرفض، تمت أعادة قراءة الأوراق ولاحظت عددا من أصوات عبد الودود لم يتم احتسابها، فأسريت الأمر بانتظار استكمال عملية الفرز، فكانت النتيجة نجاح عبد الودود سيف ببضعة واربعين صوتا، فجاءني يسأل عن عملية الفرز هل كانت دقيقة، فوفقا لحساباته كان يفترض أن يحصل على أكثر من ستين صوتا، والحقيقة أن حساباته صحيحة فهناك أصوات عديدة لم يتم احتسابها له. لكنني وجدته ناجحا ولهذا لم يكن هناك داع للطعن بالنتيجة.

فيما يتعلق بانتخابات اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين الذي عقد في عدن 2010فقد كانت نتيجته محسومة لاستحواذ المؤتمر الشعبي العام على انتخابات الفروع، فمحمد الغربي عمران الذي هندس انتخابات الفروع بما يؤدي إلى سيطرة المؤتمر الشعبي جعل انتخابات المؤتمر العام بعدن صراعا داخل مكونات المنتصرين في حرب 1994م، ولهذا بدا الصراع وكأنه بين الأمن السياسي والأمن القومي!
أشرف محمد الغربي عمران والدكتور البار على انتخابات اتحاد الأدباء بتعز، وكانوا يريدون الانتخاب بطريقة التزكية لعبد الله أمير رئيسا للفرع، بما يخالف النظام الأساسي، ولأنني كنت في عضوية رئاسة مؤتمر الاتحاد مع الأستاذ محمد عبد الرحمن المجاهد وسعاد العبسي فقد اعرضت لينتهي الاجتماع بتمزيق عبد الله أمير لوثائق وكشوفات أعضاء الجمعية العمومية للاتحاد، ولم تتخذ الأمانة العامة موقفا ضد عبد الله أمير، بل تم إعادة الانتخابات بعد مدة من الزمن لينجح عبد الله أمير ولكن هذه المرة وفقا للنظام الداخلي وليس التزكية.
كان يتم التلاعب بعدد المندوبين لكل فرع، فإذا وجد الغربي عمران أن عدد المندوبين في رع تعز أو غيره من الفروع ليس في صالح غلبة المؤتمر الشعبي يتم تخفيض عدد المندوبين، إذا كان عدد المندوبين لصالح المؤتمر الشعبي ابعام يتم رفع النسبة، بما يخالف النظام الأساسي الذي ينص على مندوب لكل عشرة أعضاء…
حضرت المؤتمر العام للاتحاد الذي عقد بعدن، وكان لدينا وابتسام المتوكل وعدد من الأدباء تصورا للتغيير، ومفهوم التغيير لدى ابتسام كان محوره أن تكون هي أمين عام الاتحاد!
حينها اطلعت وهي على قائمة أعضاء المؤتمر العام للأدباء فنصحتها بعدم الترشح لعدم إمكانية فوزها. وفي أيام المؤتمر نادتني سماح الشغدري إلى مكتبها وترجتني واستحلفتني بالله أن انتخب هدى أبلان فاستحيت ووعدتها بأنني سأنتخب هدى.
كان لهدى أبلان عدد من الأدباء الذين لم يكونوا أعضاء في المؤتمر العام لكنهم حضروا لدعم انتخابها، كسلطان العزعزي ورياض السامعي، وسماح الشغدري وغيرهم. كانت أموال الاتحاد تستخدم في خوض الانتخابات لصالح هدى أبلان. فتم انتخابها بالإجماع.
يبدو أنه أثناء ترجي سماح الشغدري لي بأن أنتخب هدى أبلان شاهدني شوقي شفيق وأخبر ابتسام المتوكل، وهي رأت ذلك خيانة لها!
اتهمتني ابتسام المتوكل بأنني خنتها وبعتها لهدى أبلان وتألمت حينها، ولو كنت أعلم أن مآلات ابتسام في سنوات الحرب التي نعيشها سيكون خوضا في دماء اليمنيين بلافتة الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان، وهي جبهة حرب، فلم تكن ابتسام مجرد مثقف يصرح أو يعبر عن موقف ضد مشيخات الخليج، لقد كانت ومازالت تخوض في الصراع اليمني اليمني ، ملطخة وجهها ويديها بدماء اليمنيين، متنقلة ومساندة لجبهات القتال!
إن صفحات وجوهنا خارطة لأعمالنا، لهذا نجدها تضيء حين نحسن الانحياز للناس، وتصبح بغيضة حين تكون معيشتنا مغموسة بدمائهم ومستثمرة لنزيفهم…
إن موقف المثقف ينبغي أن يكون مع الوطنية اليمنية الجامعة، لا مع الطائفية بأقنعتها المتعددة، بحجة الوقوف ضد العدوان. فاستراتيجية العدوان الفعلية هي أن نكون طائفيين، ولقد كانت ومازالت ابتسام المتوكل طائفية بامتياز، حين أصبحت ناطقا جبهويا لطائفية ضد طائفية!