“القاعدة” يحشد إلى معاقله في اليمن استعدادا لمرحلة فوضى.. وقاعدة اليمن و”المغرب الإسلامي” يعملان على تنشيط علاقتهما الخاصة

(شبكة الطيف) عدن
أكدت مصادر مطلعة وأخرى محلية في محافظة أبين جنوب اليمن، وجود تدفق كبير لعناصر تنظيم القاعدة الإرهابي إلى المحافظة، مشيرة إلى وجود حركة كبيرة لعناصر التنظيم في معاقله بشقرة ووادي عوامرة شرق أبين تهدد بفوضى في اطار تخادم الارهاب في اليمن.

وذكرت بأن عناصر التنظيم عمدت، خلال الفترة القليلة الماضية، إلى إغلاق مناطق عدة في شقرة التي تعد الوكر الرئيسي لعناصر التنظيم في أبين، والواقعة على الطريق الرابط بين عدن وشبوة ومنها إلى حضرموت، حيث تنتشر عناصر التنظيم في تلك المحافظتين بشكل لافت.

وأشارت إلى أن الحملات العسكرية والأمنية، التي نفذت خلال الفترات الماضية بهدف تطهير المحافظة من تلك العناصر، فشلت في الوصول إلى معاقل التنظيم في مودية وشقرة شرق محافظة أبين، خاصة وادي وجبال عوامرة ذات التضاريس الوعرة والصعبة والتي تتحصن فيها قيادات التنظيم في شبه الجزيرة العربية.

ووفقا للمصادر، فإن عناصر التنظيم تنتشر في عدد من مناطق محافظة أبين منها المحفد وأحور، ولديها تنسيق كبير مع الجماعات الارهابية مثل تنظيم الإخوان المسلمين “الإصلاح”، ومليشيات الحوثي.

استقطاب مقاتلين جدد

وذكرت المصادر بأن التنظيم عمد، خلال الفترة الأخيرة، لتنفيذ عمليات استقطاب واسعة في صفوف الشباب من المحافظات اليمنية ومن خارج الحدود، بهدف تعزيز صفوفه للرد على الحملات العسكرية والأمنية التي تنفذها القوات الحكومية ضد مواقع التنظيم في محافظات أبين وشبوة وحضرموت.

وبثت مؤسسة الملاحم، الذراع الإعلامية لتنظيم القاعدة في اليمن، إصدارًا مرئيًا جديدًا لزعيم التنظيم خالد باطرفي، المكنى بأبي المقداد الكندي، يتحدث فيه عما يجري من ترتيبات في اليمن من قبل اللاعبين الدوليين، ومحاولة توظيف ذلك لصالح استقطاب عناصر جدد لمواجهة المخطط المرسوم لليمن، وفقا لباطرفي زعيم التنظيم.

ويرى مراقبون أن زعيم التنظيم في اليمن حاول من خلال عملية الاستقطاب تقديم خدمة لشركائه في الإرهاب ضد اليمنيين مليشيات الحوثي التي تحاول التنصل عن التزاماتها بشأن الوصول إلى تهدئة وسلام في اليمن، من خلال تفعيل التنظيمات الارهابية لتنفيذ عمليات وهجمات لزعزعة الاستقرار وخلط الأوراق، التي تقود إلى إفشال جهود التسوية وفقا لترتيبات مشبوهة للقوى اليمنية لقيادة المرحلة المقبلة، وفقا لمصالح طرفي النزاع في اليمن، السعودية وإيران.

وتضمن إصدار التنظيم عددًا من اللقطات التي تُظهر مقاتلي القاعدة في اليمن وهم يُعدون العبوات الناسفة لاستخدامها ضد القوات الجنوبية، التي خاضت قتالًا شرسًا ضد التنظيم في وادي عومراة بأبين، خلال الفترة الأخيرة، وهذا يُقدم لمحة عن النوايا الحقيقية الكامنة وراء خطاب خالد باطرفي الذي يسعى لتوظيف أبناء القبائل اليمنية في خدمة أهداف التنظيم وشركائه.

تنسيق مشترك

ويرى مراقبون أن عمليات “القاعدة” الأخيرة في المحافظات الجنوبية والشرقية يتم التخطيط لها من غرف عمليات تنظيم الإخوان في مأرب والبيضاء، بالتنسيق مع مليشيات الحوثي، بهدف خلق حالة من توازن القوى لتحقيق مصالح مشتركة من خلال عملية التسوية التي يسعى المجتمع الاقليمي والدولي لفرضها على اليمنيين.

ووفقا للمراقبين، فإن عمليات تنسيق وترتيب أوراق يتم الإعداد لها من قبل أذرع الإرهاب العالمي في اليمن “القاعدة والإخوان والحوثيين”، من أجل استخدام ورقة الإرهاب لفرض واقع جديد على الساحة اليمنية، والمساومة من خلالها للحصول على مكاسب من الثروة والسلطة التي يتم الترتيب لها من قبل الوسطاء الدوليين، مع مكونات يمنية مرهونة لدول وأجندة خارجية، وبعيدة عن تطلعات اليمنيين.

ودفعت الأحداث التي تديرها جماعة الإخوان في إطار مخطط الفوضى في المناطقة العربية، ومنها فتح حرب في السودان، عناصر تنظيم القاعدة في اليمن، للبحث عن مصدر جديد للتوسع والحصول على مكاسب من تلك الفوضى.

ترابط بين ضفتي الأحمر

ويخشى مراقبون لحركة عناصر القاعدة، والإرهاب المتنقل، أن يستغل التنظيم في اليمن الحرب في السودان التي أشعلتها الأطراف المتحاربة في اليمن، في التوسع نحو معاقل التنظيم في تشاد المحاذية للسودان، من خلال تبادل المقاتلين والأسلحة والخدمات اللوجستية، بهدف اكتساب أراض جديدة تتناسب وأنشطة التنظيم.

والمتتبع إلى حركة تنقل عناصر التنظيم بين ضفتي البحر الأحمر الاسوية والافريقية، يلاحظ بأن أي عمليات فوضى في دول الضفتين يستغله التنظيم في تقوية نشاطه وعملياته الارهابية والتجارية ويبني قواعد جديدة لعناصره، حيث تعي بيئة الفوضى البيئة المناسبة لحياة العناصر الإرهابية ذات التوجه الديني المزيف والمتطرف، كما هو الحال بالنسبة للحوثيين والإخوان.

وكانت مصادر استخباراتية، كشفت عن وجود تدفق أسلحة بين اليمن والصومال، وحاليا بين اليمن والسودان تقوم بها جماعتا الحوثي والاخوان، ما يرفع نسبة التوسع لعناصر التنظيم وخدمة مصالحه بين اليمن وتلك البؤر الجديدة للفوضى التي تنفذها جماعة تنظيم الاخوان المسلمين، والتي سبقتها اليمن والعراق وليبيا وسورية، وحاليا في السودان.

هجمات تغطية
وعمد التنظيم، خلال الفترة الماضية، إلى تنفيذ هجمات ارهابية تستهدف قيادات عسكرية وسياسية وأجانب في أبين وشبوة وحضرموت، هدفها تغطية نشاطه في عمليات فتح معسكرات تدريب واستقطاب لمقاتلين جدد استعدادا لطبيعة المرحلة المقبلة التي يتوقع ان تشهد فوضى عارمة في اليمن والسودان، تخطط لها عناصر تنظيم الاخوان بمشاركة ودعم وإسناد بالأسلحة وأموال المخدرات لجماعة الحوثي.

وجاء نشاط التنظيم في المناطق المحررة بعد صفقات التي عقدها مع الحوثيين أدت لإطلاق أعداد كبيرة من عناصره كانوا في سجون الدولة منذ عهد النظام السابق، حيث تشير الاحصائيات الامنية إلى تنفيذ عناصر التنظيم لأكثر من 82 عملية خلال العام الأشهر الثمانية الماضية، كان هدفها توجيه رسائل بأن العمليات العسكرية التي نفذت في مناطق انتشار التنظيم فشلت ولم تحقق أهدافها، وأنهم مازالوا يتحكمون بمجريات الفوضى، كشركاء فاعلين مع بقية التنظيمات الأخرى.

من جهة أخرى سلط تقرير لمؤسسة “جيمس تاون” الأمريكية للدراسات السياسية والعسكرية الضوء على العلاقة الخاصة بين “تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية” الذي يتخذ من اليمن مقراً و”القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي”، مشيرة إلى توجه جديد لتنشيطها. 
 
وقالت مؤسسة “جيمس تاون”، في تقرير إنه في 24 أبريل، أصدرت الجماعتان رسالة تهنئة متبادلة بمناسبة عيد الفطر. 
 
وأضافت “بالرغم من أنها كانت رسائل ودية ومباركة بمناسبة (عيد المسلمين)، إلا أنها عادت إلى زمن كانت فيه هاتان المجموعتان في أوجها وتتمتعان بـ”علاقة خاصة”.
 
ورجحت المؤسسة البحثية الأمريكية أن يكون الغرض من البيان المشترك الأخير في العيد هو محاولة تنشيط العلاقة بين القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وتنظيم القاعدة في اليمن، والتي تدهورت منذ وفاة أيمن الظواهري.
 
ولفتت إلى أن تنظيم القاعدة كان بلا زعيم منذ ما يقرب من عام، واحتاج إلى نشطاء لتعزيز مكانته بين الجماعات الجهادية العالمية. 
 
كما يهدف البيان المشترك إلى تبديد أي مشاعر حول تقادم القاعدة أو تدهوره، والتأكيد مجدداً أن عناصر التنظيم ما زالوا مشتركين في الكفاح الجهادي الآن كما كان الحال عندما انضموا لأول مرة إلى القاعدة قبل 15 عاما.
 
وأشار التقرير إلى أن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي والقاعدة في شبه الجزيرة العربية (قاعدة اليمن) –تاريخيا- من بين أكثر الجماعات التابعة لتنظيم القاعدة فاعلية على مستوى العالم.
 
وذكر أنه “بعد إعلان تشكيله وانتمائه إلى القاعدة في عام 2007، نفذ تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي تفجيرات انتحارية وكمائن متكررة ضد قوات الأمن الجزائرية، في حين نفذ القاعدة في شبه الجزيرة العربية محاولات بارزة لضرب الولايات المتحدة، بما في ذلك من خلال مؤامرة “التفجير بالملابس الداخلية” الفاشلة التي قام فيها أحد النيجيريين على متن رحلة متجهة إلى الولايات المتحدة”.
 
وأضاف: “تمكن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وحلفاؤه من الحفاظ على سيطرته على أجزاء من الجزائر في عام 2012، إلى أن أدى تدخل عسكري بقيادة فرنسا إلى دحرهم في عام 2013. وتمكن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية من الاحتفاظ بأراض في اليمن حتى تمكنت القوات الجنوبية المدعومة من الإمارات من هزيمتهم وطردهم من المكلا في عام 2017”.
 
ولفتت مؤسسة جيمس تاون الأمريكية إلى مدى التنسيق بين الجماعات المتطرفة في المنطقة، وقالت: “بعد أن شنت الحكومة النيجيرية حملة على بوكو حرام وقتلت زعيمها آنذاك محمد يوسف وعدة مئات من أتباعه في عام 2009، أصدر كل من القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي والقاعدة في شبه الجزيرة العربية بيانات تعزية مماثلة (مرئية ومقروءة) وأدانت حكومة نيجيريا.
 
وأردفت: “في وقت لاحق، في عام 2014، أصدر مسؤولو القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي والقاعدة في شبه الجزيرة العربية بيانات تنتقد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) عندما أعلن أبو بكر البغدادي الخلافة. لكنهم في البداية لم يدعوا إلى الأعمال العدائية ضد تنظيم داعش. لكن في النهاية، أُجبر تنظيم القاعدة على مواجهة داعش عندما أصبح مهيمنا في سوريا والعراق. 
 
كما أصدر تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية والقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بيانا مشتركا قبل ذلك يدعو جميع الجماعات الجهادية في سوريا والعراق إلى البقاء موحدين وتجنب القتال فيما بينهم. كان هذا مؤشرًا على مدى مزامنة المجموعات لرواياتها العامة.