تحت رمال جنوب الربع الخالي توجد أكبر بئر نفطي في العالم : الحلقة السادسة عشرة (16)

alt

شبكة الطيف : خاص – بقلم /  د. حسين مثنى العاقل 
 

ثروات أرخبيل سقطرى في مزاد التقاسم غير المشروع لمراكز النفوذ اليمني. 

  لم يكن أرخبيل سقطرى بمجموعة جُزره الجنوبية ومياهها الإقليمية ومكوناتها البيئية التي وهبها الله سبحانه وتعالى من مناظر طبيعية متميزة في روائع جمالها، ومن تفردها كمتحف متعدد في تنوعه البيئي والحيوي، بمنأى عن همجية النهب وهيمنة البسط والاستحواذ اليمني، فقد طالتها سياسة نظام سلطة الاحتلال الاستباحية وامتدت إليها عبثية تقاسم ثرواتها السمكية الهائلة واستثمارات مناظرها السياحية الجذابة، وقُسمت مساحتها البرية ورصيف مياهها القاري المحيطة بأرخبيل سوقطرة البحرية إلى خمسة قطاعات نفطية، هي: القطاعات المبينة بالأرقام (92 – 93 – 94 – 95 – 96) أما القطاع رقم ((97 فيمتد جنوباً نحو أعماق المحيط الهندي، بينما قُسمت أعماق المياه البحرية الإقليمية في شمال الأرخبيل والواقعة في البحر العربي إلى ستة قطاعات نفطية هي المرقمة (65- 66- 67- 81- 90- 91). وهذا يعني أن عدد القطاعات النفطية المعروضة للمزاد الاستثماري في منطقة أرخبيل سقطرى ورصيفها القاري والمياه الإقليمية في المحيط الهندي والبحر العربي يصل عددها إلى 12 (اثنى عشر) قطاعاً نفطياً (انظر الخريطة رقم (7). ومن المتوقع حسب العادة التقليدية لمراكز النفوذ القبلي منذ احتلالها لأرض محافظات الجنوب، أن يعاد تقسيم المقسم لهذه القطاعات بين المتنفذين إلى قطاعات نفطية وغازية مرات عدة، وذلك بحسب شطارة الهيمنة وقوة النفوذ القبلي والعسكري، أو وفقاً للخبرات المكتسبة في عمليات استجلاب الشركات النفطية وعروض التسهيلات والحماية لها.   

خريطة رقم (7) تبين ظاهرة تقسيم أرخبيل جزيرة سقطرى وريفها القاري والمياه الإقليمية للبحر العربي وسواحل محافظتي حضرموت والمهرة إلى قطاعات نفطية معروضة بالمزاد اليمني للشركات النفطية العالمية.  

Image     

المصدر: وزارة النفط والمعادن،https://www.google.com/search?q 

  وتفيد المعلومات الرسمية لوزارة النفط والمعادن اليمنية بأنها قد طرحت أو بالأصح عرضت في شهر أبريل  الماضي من العام الحالي 2013م نحو 15 قطاعاً نفطياً بحرياً وبرياً جديدً للمنافسة الاستثمارية على الشركات النفطية العالمية منها 10 قطاعات بحرية وخمسة قطاعات برية(57). وتدخل ضمن القطاع البحرية أربعة قطاعات نفطية تقع في الرصيف القاري والمياه الإقليمية لأرخبيل جزيرة سقطرى وعبد الكوري وأهمها: قطاع حوض سقطرى رقم 92، وقطاع رأس مومي رقم 93، وقطاع عبد الكوري رقم 94، وقطاع جزيرة سمحة رقم 95، حيث تسابقت عدد من الشركات النفطية العالمية متعددة الجنسية على عروض المزاد اليمني لتقاسم حصص غنيمة الاستثمار الوهمي باسم وزارة النفط والمعادن، بينما عقود الاتفاقيات المبرمة مع الشركات في الغالب تكون مع شيوخ القبائل وكبار المتنفذين في سلطة نظام صنعاء ممن احترفوا أساليب التفريط بالسيادة الوطنية، وصارت أرض الجنوب وثرواتها بالنسبة لهم فيداً مشاعاً يعبثون بخيراته كأنها تقع في أرضاً أو وطناً خالاً من السكان الأصليين المقيمين فيه منذ الأف السنين، أو أن أهل ومواطني هذا الوطن (الجنوبي) قد صاروا مجرد رعايا خانعين لنظام الاستبداد القبلي في اليمن، ولم تعد لهم اعتبارات وطنية وسيادية لأرضهم، وبالتالي ليس من حقهم من منظور ثقافة العقل القبلي المتخلف الاعتراض أو رفض ممارسات النهب لثرواتهم، طالما وهي أرضاً وموارد استبيحت في حرب سجال انتصرت فيها همجية القبيلة على نظام الدولة المدنية. لذلك وجدت الشركات النفطية فرصها في التهافت على القطاعات النفطية المعروضة في المزاد اليمني، فتقدمت ثمان شركات عالمية كانت شركت هنت Hunt الأمريكية أولها لتسجل بذلك أكثر الشركات حضوراً واستئثارا على القطاعات النفطية في محافظات الجنوب، باعتبارها صاحبة تجربة عريقة وسباقة في عقد الصفقات مع عتاولة الأنظمة القبلية المتخلفة في البلدان النامية والأقل نمواً ومن أبرزهم مشايخ اليمن. أما الشركات الأخرى فهي ( سيركل اويل Circle Oil Plc) الايرلندية، وكوفبيك Kufpec الكويتية، وشركة ( بترا  Petraالبرازيلية) و هيرتج اويل HeritageOil البريطانية، وشركة فيلدس Pakistan Oil Fields Ltd الباكستانية، وشركة D N O النرويجية، والتركية جي واي بي GYP، وجيوبترول البنمية (حتى بنما أصغر دويلات أمريكا الوسطى دخلت عروض المزاد اليمني ؟؟!!). 

المتنفذ العيسي يستحوذ على حصص تموينات جزيرة سقطرى واخواتها بالوقود.  

    يتعرض أرخبيل جزيرة سقطرى لأزمات متكررة في تموينات سكانها الطيبون بمصادر الطاقة (المحروقات) مثل البترول والغاز والمشتقات الأخرى، وذلك بسبب هيمنة واحتكار رجل الأعمال (احمد صالح العيسي)(*)، الذي يتهمه مواطنو أرخبيل سقطرى بأن أزمات تمويناتهم الخانقة وتعطل أعمالهم ومصالحهم العامة وعلى وجه الخصوص توقف وسائل اصطيادهم للأسماك البحرية، ترجع أساساً لهيمنة العيسي واستحواذه على مخصصات الجزيرة من تموينات المحروقات والذي صار بفعل ذلك من أشهر وأكبر المهربين للديزل في اليمن. ويشرح الكاتب عويس القلنسي طبيعة تلك الأزمة وتبادل الاتهامات في تسببها بين الحكومة المحلية والمستثمر العيسي بأن ” أزمة الوقود أو المحروقات التي تتكرر باستمرار، حتى أصبحت مشكلة مزمنة تتكرر كل شهرين أو ثلاثة على مدار العام، و مع ذلك بقيت هذه المشكلة بلا حل و بدون أن تبذل الحكومة المحلية أو الإدارة هناك أي جهد يذكر في سبيل حلها أو ضمان عدم تكرارها مع الاكتفاء بتصريحات و توجيه اللوم إلى المستثمر العيسى، و يرد العيسى من جانبه بنفي التهمة عن نفسه بالقول بأن المسؤولين في الجزيرة هم السبب في هذه الأزمات بسبب تدخلهم في مسألة التوزيع هناك أو بيع الوقود للسفن العابرة أو بيعه لأشخاص يعيدون بيعه في السوق السوداء بأسعار خيالية بهدف الربح، و بين التصريح و التصريح المضاد ضاعت حقوق الشعب السقطري، و لا يعلم أحد من هو السبب بما يحدث هناك حتى الآن، بينما الازمات تجتر بعضها بعضا على الدوام (58) 

   الجدير ذكره حول ما يعانيه أرخبيل سقطرى من أزمات تموينية ومشكلات اقتصادية واجتماعية ومن أوضاع متردية، فقد أكدت بعض المصادر الملاحية بأن المياه البحرية القريبة من سواحل جزيرة سقطرى قد اصبحت مسرحاً ومرتعاً للقراصنة الصوماليين الذين اتخذوا منها مراكز خفية لشن هجماتهم على السفن والبواخر العابرة في الممرات الدولية، مستغلين بذلك غياب الحماية وانعدام سيطرة نظام سلطة صنعاء على حدود مياهها الإقليمية، وتأكيداً على ذلك “ قالت مصادر ملاحية أن قراصنة صوماليين يستغلون جزيرة سقطرى كمركز للتزود بالوقود مما يمكن زوارقهم التي يستخدمونها في شن الهجمات من البقاء لفترات أطول في البحر ويمثل خطرا أكبر على عمليات الشحن. وأضافت ذات المصادر وفقا لما نشرته وكالة رويترز بأنه وعلى الرغم من وجود قوات بحرية دولية في المنطقة فان العصابات البحرية تستغل الاضطرابات السياسية في اليمن للتزود بالوقود وربما مؤن أخرى بما في ذلك الطعام.. وأضاف.. ربما هي أهم مركز لإعادة التزود بالوقود بالنسبة للسفن التجارية المخطوفة التي تستخدم (للتهريب) خاصة تلك التي تمارس نشاطها بين خليج عدن والمياه الغربية للهند وبالأخص قبالة سلطنة عمان وبالقرب من مضيق هرمز بشكل متزايد»(59). وتبين الخريطة رقم (8) باللون الأحمر مناطق أنتشار هجمات القراصنة في البحر العربي وخليج عدن.  

   ونتيجة حصول العيسي على: حق احتكار ” تمويل جزيرة سقطرى بالديزل والغاز، حيث يملك هناك محطة خاصة تقوم بذلك. فالعيسي يحتكر نقل النفط ومشتقاته في البحر، ويحتكر حق تمويل سقطرى بالغاز والديزل، فهذا يعني، ببساطة، بأنه صار منفذاً هاماً لتهريب الديزل والغاز... وإذا كان الرجل جاداً في نفي شبهه التهريب عن نفسه؛ فعليه التخلي عن احتكار حق تموين “سقطرى” بالديزل والغاز(60). 

خريطة رقم (8) تبين باللون الأحمر المناطق الرئيسة التي تنتشر فيها هجمات القراصنة Piracy Attacks في المياه الإقليمية لجزيرة سقطرى والبحر العربي وخليج عدن وجزر وسواحل القرن الأفريقي . 

Image 

 

من دار ضيافة حكومي إلى سمر لاند خاص بالأفندم الصغير يحيى محمد عبد الله صالح. 

   يتحدث عامة الناس في مدينة حديبو عاصمة جزيرة سقطرى عن الهجمة الكاسحة التي تفاجئ بها سكان الأرخبيل عندما هبط الفاتحون اليمنيون في تسابقهم لتفتيش الجزيرة بعد سقوط عدن تحت هيمنتهم، وكانوا يتوقعون بأنهم سيجدون فيها ترسانات هائلة من الأسلحة الثقيلة وبخاصة المدفعية الساحلية، فكل من هبط إلى الجزيرة سرعان ما يطلب من المواطنين عن معرفتهم بمستودعات الأسلحة وأماكن المعسكرات، وطوال أكثر من شهرين من عام انتصارهم العظيم في 94م نهبوا كل ما كان فيها، وعندما وصل الأفندم الصغير متأخرا إلى عاصمة الجزيرة أهتدى بفطرته القبلية بالاستيلاء على دار الضيافة المكون من دورين ويقع في قلب المدينة، وعلى الفور أعلن البدء بالهدم والازالة، ثم باشر بتغيير معالم الدار وتحويلة إلى فندق مجهز بأحدث التجهيزات السياحية (كما يقال) وقرر بعدها بتصميم الاسم المناسب للفندق الخاص بحيث يكون أسمه جذاباً ومثيراً للسواح الأجانب، فوقع الاختيار على اسم (سمر لاند) ويقدر سعر الغرفة المكونة من سريرين (كما جاءت الإجابة من موظفي الفندق حينما سألناهم عن ذلك) بمئة دولار لا غير ولمدة 24 ساعة، لهذا فسكان الجزيرة يقفون بعيدا منه وفي حالة المرور أمام (سمر لاند) فأنهم يمرون على عجل وكأن هذا المكان قد صار جسماً غريباً أو وكراً سرياً تدار من داخله عمليات التدخل السريع أو تسكن فيه قوات المارينز ؟!.  

الارياني وسياسة الترويج العالمي لجمع المعونات الخاصة بدراسة جزيرة سقطرى.    

  الدكتور المخضرم في سياسة علم الأدغال وبؤر جمع الأموال الراقية والمهذبة (عبد الكريم الارياني) صاحب الملف الجنوبي في جريمة حرب 94 المأساوية، والمحول على أكتافه ومناكبه القصيرة إلى دهاليز الكونجرس ومجلس شيوخ الحاخامات، هو الأخر بخبرته الحضارية استأثر بمراكز البحوث والدراسات العابرة للقارات المروجة للمظاهر العجيبة في جزيرة سقطرى، فبه وحده ومن مقر إقامته الدائمة في صنعاء، يتم التنسيق مع المراكز العلمية والجامعات والمعاهد المتخصصة ومع الهيئات والمنظمات الدولية المهتمة بالشئون البيئية والدراسات الطبيعية والبشرية، وهذا الداهية بشطارة النهب غير الملموس يحصل على ما يريد وعلى حساب جزيرة سقطرى وسكانها الفقراء والمحرومين من أبسط المعونات الإنسانية، ومن خلال لقاءاتنا المحدودة مع عدد من المهتمين والمتابعين للمعونات الدولية لسكان جزيرة سقطرى، فقد أشاروا إلى أن الارياني (عبد الرحمن) وزير البيئة ومن آل بيت الايراني له مكتب خاص في وزارة البيئة يتولى باسم (دائرة الصحة الانجابية الغذاء وسوء التغذية) الترويج لجمع المعونات الدولية ولكنها لا تصل إلى منهم بحاجتها أو إلى من جمعت باسمهم، وإنما ينتهي مصيرها حسب العادة في جيوب محترفي سياسة الفيد اليمني.   

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الهوامش 

(57) اليمن يعلن عن 15 قطاعاً نفطياً بحرياً وبرياً جديدً للتنافس، موقع مأرب برس، 21 مارس 2013، http://marebpress.net/news_details.php?lang=arabic&sid=53420 

(*)احمد صالح العيسي، رجل أعمال يمني له عدة شركات تجارية من أهمها شركة (أعالي البحار) المتخصصة بعمليات نقل النفط والديزل والمشتقات الأخرى بين مواني عدن- المكلا- الحديدة- وغيرها من الواني اليمنية والأفريقية، ويحتكر تمويل سقطرى بالمحروقات والمشتقات النفطية، ويعد من أكبر المتنفذين في عمليات تهريب النفط والديزل وغيرها، حيث يقوم باستئجار عدداً كبيراً من السفن الايطالية لهذه الأغراض؟!. 

(58) عويس القلنسي، فن إدارة الأزمات، انظر موقع سقطرى: http://www.sogotra.com/articles.php?action=show&id=123 

(59) مأرب برس، مصادر ملاحية: القراصنة يستغلون جزيرة سقطرى اليمنية كمركز للتزود بالوقود والمؤن، يوليو 2011، http://marebpress.net/news_details.php?lng=arabic&sid=35162 

(60) نايف حسان، فضائح تهريب النفط اليمني، تفاصيل نزيف يومي تتعرض له اليمن، انظر: https://www.facebook.com/permalink.php?id