الطيف تنشر تقرير عن القدرات العسكرية الجنوبية ومؤامرات تدميرها

 

شبكة الطيف ( خاص ) الدكتور حسين مثنى العاقل : بمناسبة احتفالية الجيش الجنوبي في ذكرى تأسيسه في 1 سبتمبر من كل عام .. يسرني أن أهدي هذا الحقائق إلى أبطال قواتنا المسلحة الذين ما زالوا على قيد الحياة صامدين وصابرين على الظلم والاستبداد والنفي والتقاعد الاجباري بعد احتلال الجنوب عام 1994م الدموية ..

القدرات العسكرية الجنوبية ومؤامرات تدميرها
كانت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية من ضمن الدول المهابة بقدراتها العسكرية الضاربة والمدربة بمهاراتها القتالية في منطقة الشرق الأوسط، فقد بُنيت مداميكها العسكرية على أسس ونظم محكمة من حيث التأهيل العلمي والفني والتقني لأفرادها وقياداتها العسكرية، ومسلحة بأحدث الأسلحة وأكثرها تطورا مقارنة بالقدرات التسليحية لمعظم الجيوش العربية، وهذا التوصيف المجرد من الزيف والمبالغة يمكن أثباته لمن لا يصدق هذه الحقيقة، بالبيانات والأرقام المعتمدة من مصادرها الرئيسية، والتي تؤكد بما لا يدع مجالا للشك بأن دولة الجنوب كانت تمتلك جيشا قويا ومؤهلا علميا وثقافيا ولدية قدرات وخبرات في استخدام مختلف الأسلحة الروسية والتي كان لدول المنظومة الاشتراكية وعلى وجه الخصوص جمهوريات الاتحاد السوفيتي الاشتراكية(سابقا)، الفضل في تأهيل كوادر جيش (ج.ي.د.ش) في أرقى الجامعات وأحدث المعاهد والأكاديميات العسكرية، كما كان للسوفيت دورا فاعلا ليس في التأهيل والتوجيه والدعم بالخبرات اللوجستية (السياسية والعسكرية) فحسب، وإنما بمنح وتزويد القوات المسلحة لجيش اليمن الديمقراطي بالأسلحة المتطورة والقدرات العسكرية البرية والبحرية والجوية.
فمنذُ استقلال شعب الجنوب في 30 نوفمبر 1967م وتحرير أرضه من الاحتلال البريطاني كأقوى إمبراطورية عالمية عرفها التاريخ هيمنتا ونفوذا في العصر الحديث، وتحديدا بعد التحولات الثورية لما عرف حينها بخطوة التصحيح المجيدة في 22 يونيو 1969م ، أولى النظام السياسي بتوجهه الاشتراكي اهتماما كبيرا في مسألة بناء القوات المسلحة الجنوبية وذلك على أسس وطنية وقيم إنسانية، تتحلى بالإخلاص وحب التضحية والاستعداد القتالي العالي للذود عن حياض الوطن وحماية المكتسبات الدولة الفتية. وخلال مرحلة قصيرة جدا من عمر التجربة العسكرية استطاع الجيش الجنوبي أن يواجه الجيش اليمني عام 1972م في حربا غير متكافئة بشريا وعسكريا فيحبط أول مؤامرة عدوانية لاحتلال أرض الجنوب، بل ويحقق نصرا كبيرا اثبت به حين ذاك على قوى الشر والعدوان في نظام الجمهورية العربية وحلفائها، بأن هناك دولة ونظام سياسي جديد قادر على حماية سيادته الوطنية، وعلى خصومه والمناوئين له أن يضعوا له ألف حساب.. بعد ذلك تسارعت وتيرة البناء والتحديث للجيش الجنوبي وتعززت مُثل الانضباط والربط الواعي “والالتزام الصارم والدقيق بالنظام والضوابط والقواعد المنصوص عليها في القوانين وفي الأنظمة العسكرية( ) ليغدو في منتصف ثمانينات القرن الماضي من أكثر الجيوش العربية تأهيلا وتسليحا وتدريبا.
 وبرغم ذلك التطور الكيفي والنوعي للقوات المسلحة في الجنوب، إلا أن القوى الحاقدة إقليميا ودوليا ظلت تراقب ذلك التطور وترصد عن كثب وتدرس الوسائل المناسبة والفرص الممكنة لتدمير وأنهى تلك القوة العسكرية وإسقاط النظام السياسي، لأنها تطمح بالهيمنة على أرض الجنوب واستغلال ثرواته النفطية والغازية وموارده المتعددة، وأيضا وهنا (مربط الفرس) التحكم بطرق التجارة العالمية في البحار والمحيطات المتصلة بخليج عدن والبحر الأحمر عبر بوابة مضيق باب المندب، وهذه الأهداف لن تتأتى وتحقق مرامها لصانعي تلك المؤامرات الخبيثة، إلا بواسطة نظام متخلف له زعيم يتصف (بنقاط ضعف) منها محدودية التعليم وضحالة الوعي الثقافي، لكنه يجيد المكر والخداع، ولديه الاستعداد أن يفرط بسيادة وطنه وكرامة شعبه ولو بثمن بخس !؟. فوجدت ضالتها المنشودة بـ(علي عبد الله صالح) الذي وصل إلى سدة الحكم بصنعاء بطرق مشبوهة عام 1978 وهو لا يمتلك من مؤهلات السلطة سوى جنوح العربدة والبلطجة، وفهلوة الهنجمة والاستهتار، ومحترف على ممارسة جرائم الحقد والعدوان. وقبل أن توكل إليه مهمة المؤامرة على نظام دولة الجنوب، دفعت به عنوة تحت هواجس غرور العظمة في فبراير 1979 وهو لم يمضي في تولي (اغتصاب) السلطة في الجمهورية العربية اليمنية سوى سبعة أشهر فقط !؟. فقبل مغامرة الاختبار في مواجهة دولة الجنوب وجيشها في حرب أهلية كادت أن تجبره على الاستسلام في عقر داره بالعاصمة صنعاء؟؟. ولولى التدخل العاجل لبعض الأنظمة العربية والدول الغربية صاحبة المصلحة من تلك المؤامرة، لما كان له حظ النجاة من حتمية السقوط النهائي.
وبعد أن تأكدت قوى التأمر بأن الرجل المتهور قد امتلئ قلبه غيضا وحقدا ضد النظام ذي التوجه الاشتراكي بالجنوب، وصار على استعداد لتنفيذ المهمات الموكلة إليه وفق الخطط المعدة سلفا، وبموجب السيناريوهات التوجيهية الصادرة من مراكز وعواصم (الحلفاء والأصدقاء)!؟. فقد أقنعوه بأن يتجنب محاولة تكرار المواجهة العسكرية مع دولة الجنوب، فميزان القوى السياسية المحيطة داخليا بسلطته القبلية، لا تسمح لنزواته الإجرامية (ومحو العار) المرفوع شعارا للانتقام، من إمكانية تنفيذ المخطط بالحسم العسكري لإسقاط النظام غير المرغوب فيه في (عدن)؟؟. لذلك لم يكن أمامه من خيار سوى قبول التوجيهات المعدة (….). وبالفعل نجح بجدارة في تأدية الدور المناط به في تأجيج مشاعر الخلافات وأذكى دوافع الصراع التناحري بين القيادات السياسية في الجنوب، وكان له إسهام مباشر و (غير) مباشر في إشعال نار الفتنة بجريمة 13 يناير 1986م الدموية، والتي كانت بحق الكارثة العظمى فيما ترتب عليها من خسائر بشرية واقتصادية كبيرة، ومن تمزق سياسي واجتماعي لدولة ونظام اليمن الديمقراطي، فضلا عن نتائجها التدميرية للقدرات العسكرية وفقدانها طابورا طويلا من القيادات المحنكة والكوادر المؤهلة في مختلف الوحدات العسكرية وفي مقدمتهم وزير الدفاع المناضل (صالح مصلح قاسم) الخصم اللدود لعلي عبد الله صالح. وأيضا المناضل الجسور (علي أحمد ناصر عنتر) الذي يعتبر بحق المؤسس الحقيقي للقوات المسلحة في (ج.ي.د.ش)..
  وحينما أيقن المتآمرون على نظام دولة الجنوب، بأن قدراتها العسكرية قد أصيبت بتلك الكارثة، وأنها وإن حاولت لملمة جراحها واستعادة قدراتها القتالية والتنظيمية، إلا أنها لن تكون كسابق عهدها من حيث القوة والصلابة والتماسك، طالما وقد ضربت في الصميم واكتنف قياداتها حديثي الخبرة والتأهيل نوع من مشاعر الحسرة والندم، وربما اعتراها اليأس والإحباط المعنوي. لهذا توالت الأحداث ورسمت الخطط السرية وطبخت المؤامرات بدقة ودهاء، وعلى مضامينها المغلفة بالزيف والخداع، تسارعت قفزات المباغتة وعروض المفاجأة في إعلان الرغبة في الوحدة الفورية في 22 مايو 1990، وبعد عملية الاحتواء لدولة الجنوب ونظامها السياسي، وتوزيع وحداتها العسكرية حسب المخططات المعدة (….)؟؟. باشر علي عبد الله صالح، في افتعال الأزمات والخلافات العدوانية، ليعلن الحرب في ميدان السبعين يوم 27 ابريل1994م، وفي يوم 7 يوليو يعلن دخول جيشه مدينة عدن واحتلاله لأراضي محافظات الجنوب.
ولمعرفة حجم الجريمة التي أقدم عليها نظام صنعاء في تنفيذ مؤامرة تدمير القدرات العسكرية لجيش جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والبالغ قوام وحداتها البرية والبحرية والجوية حتى 1990 حوالي 82,000 فردا، تقدر نسبة الذين يحملون شهادات علمية وتأهيلية في مختلف مجالات العلوم العسكرية الفنية والتخصصية والتسليحية بنحو 78 %. إلى جانب رفد القوات المسلحة مابين 7,000 – 10,000 مجند سنويا، من الطلاب خريجي الثانوية العامة والعاملين والموظفين في القطاعين الحكومي والخاص ممن تنطبق عليهم شروط الخدمة العسكرية الإلزامية بموجب القانون رقم (12) لعام 1977 بشأن الخدمة العسكرية الوطنية الإجبارية ومدتها عامان كاملان. حيث تم تأهيل حوالي 28 دفعة حتى عام 90م. وفي سبيل عرض الحقائق لما تم تدميره من وحدات الألوية العسكرية وممتلكات وزارة الدفاع وأقسامها ومنشآتها التعليمية والتأهيلية، بعد نجاح السفاح والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح في تنفيذ مخطط المؤامرة والتي ستكشف الأيام بعد رحيله الموسوم بالخزي والعار، والمتوج بالذل والهوان، عن فضائح يندى لها الجبين وفضائع تلاحق أصحابها اللعنات الأبدية.

 

فأن البيانات المتاحة لما تيسر من كشف الحساب يوضحها الجدول الآتي.

 

من معطيات الجدول يتضح بجلاء أن الوحدة اليمنية لم تكن سوى خديعة أو (كذبة كبرى) حسب توصيف المناضل الحراكي السفير قاسم عسكر والذي يعد من الضباط الأوائل في جيش جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، حيث انطوت أساليب المكر والخداع ونوايا الحقد والانتقام لزعماء السلطة في الجمهورية اليمنية، على القيادة السياسية لدولة ونظام (ج.ي.د.ش) التي للأسف لم يكن بخلدها ولا في حساباتها الصادقة مع الوحدة أن الطرف الآخر سينكث بالوعود ويخون العهود وينقلب على المواثيق وبنود الاتفاقيات المبرمة والموقعة بين علي سالم البيض رئيس دولة الجنوب، وعلي عبد الله صالح رئيس السلطة الشمالية. وأن عمليات التسريع بإجراءات الاحتواء في طلوع القيادات الجنوبية إلى صنعاء بتلك الطرق المغرية والفوضوية وراءها ما وراءها؟!، وكيف استطاع علي عبد الله صالح بشطارة المكر والخداع أثناء توقيع الطرفين على عملية نقل الوحدات العسكرية والأمنية الجنوبية إلى المحافظات الشمالية والعكس( )، بأن يضغط على القيادة الجنوبية بتغيير مواقع تمركز الوحدات الجنوبية التي حددتها اللجنة العسكرية المشتركة بالمناطق الشمالية، ووضعها في أماكن يسهل على القبائل الموالية له محاصرتها والاستيلاء عليها.
إن استذكارنا لبعض وقائع تلك المؤامرة على دولة الجنوب، لا تعني كما قد يحلو للبعض وصف ذلك نوعا من اجترار الماضي أو البكاء على الأطلال؟!. ولكننا نهدف من ذلك اطلاع أبناء الجنوب الذين يجهلون هذه الحقائق والمعلومات، بأن دولتهم التي نناضل ونضحي في الحراك السلمي من أجل استعادتها، قد كانت دولة لها قدرات عسكرية ضخمة يقدر عدد من القيادات العسكرية الجنوبية، بأن قيمة ما تم تدميره ونهبه من معدات وممتلكات وأصول مادية وعينية لجيش الجنوب تتراوح ما بين 150 إلى 200 مليار دولار، بينما يرى آخرون أن قيمتها تفوق هذه التقديرات بكثير؟!. وعلى من يعتقد بغير ذلك أن يتأمل في بيانات الجدولين الآتيين ، فهما خير دليل على أن الوحدة لم تكن في حقيقة الأمر سوى مؤامرة كبرى انطلت خديعتها على القيادة الجنوبية، كان هدف منها بالنسبة لنظام صنعاء وحلفائه هو تدمير القدرات العسكرية لنظام دولة الجنوب أولا، وبعد ذلك البسط والاستحواذ على خيرات وثروات شعب الجنوب ثانيا وأخيرا..

 

وحول القدرات البشرية والتسليحية لجيش جمهورية اليمن الديمقراطية التي ارتكب نظام سلطة صنعاء جريمة تدميرها ونهب ممتلكاتها والتخلص من كوادرها وكفاءتها البشرية، فالجدول الآتي:-