لمحة جغرافية عن مديرية الشعيب/ محافظة الضالع/ اليمن(بقلم : الدكتور حسين العاقل

 

 

    aqeel222_s@yahoo.com    

  تقع مديرية الشعيب، حسب الإحداثيات الجغرافية(UTM) الفلكية، بين دائرتي عرض 13,46 ْ- 13,54 ْ شمال خط الاستواء, وبين خطي طول 44,48 ْ-  45,5 ْ شرق جرينتش, وهي إحدى مديريات محافظة الضالع.

  تقدر مساحة مديرية الشعيب بنحو 350 كم2, وهي بذلك تمثل نسبة 8 % من إجمالي مساحة محافظة الضالع البالغة مساحتها حوالي (4356) كم2. يحدها من الشرق مديرية يافع. ومن الشمال مديرية جبن. ومن الغرب مديرية قعطبة. ومن الجنوب مديريتا الحصين حالمين. (انظر الخريطة الطبيعية لمديرية الشعيب).

الخريطة الطبيعية والإدارية لمديرية الشعيب/ محافظة الضالع/ اليمن..

 

  يقدر عدد سكان مديرية الشعيب في عام 2008م بحوالي  (43.279) نسمة. وهو يشكل نسبة 8% من إجمالي سكان محافظة الضالع البالغ عددهم حوالي( 540.983) نسمة، حسب الإسقاطات المعتمدة لمعدل النمو السنوي لمحافظة الضالع المحدد رسمياً بواقع 3.5%، وذلك بموجب التعداد العام للسكان والمساكن والمنشآت ديسمبر 2004م (1) . 

  عاصمة الشعيب “العوابل ” وهي تبعد عن مدينة الضالع، عاصمة المحافظة، بحوالي 28 كم وعن صنعاء ،عاصمة الجمهورية، بحوالي 320 كم.

  تتألف مديرية الشعيب من أكثر من (113) قرية. من أكبرها قرى (بخال ، المضو ، لنجود ، الرباط ، القزعة ، مكلان ، الشرف والظاهرة ، لصبور ، عنفد، راغب ، حذارة ، ولودية ، القهرة، وأرضة، وحوف. وتنتشر معظم قرى الشعيب فوق كتلة جبلية شديدة التضرس والوعورة، حيث يصل متوسط ارتفاعها إلى حوالي(2420) متراً فوق مستوى سطح البحر. ومن قممها الجبلية العالية جبل العوابل 2433 متر، والكومل 2527 متر فوق سطح البحر. وجبال الشعيب عبارة عن هضبة تضاريسية تمتد من الشرق على الغرب يصل طولها إلى حوالي 28 كم ، وعرضها يتراوح مابين 10-15 كم ، وتتصف من حيث تكويناتها الجيولوجية بتنوع تركيبها الصخري، ففي جزئيها الشرقي والأوسط (من العوابل – ذي كنية)، تهيمن الصخور المتحولة والتي تتألف من صخور الماجنتيت Magnetite (M) ، والجرانيت Granite(y1)، مع بعض التلال والقمم المحدبة من الصخور الزمن الثالث الجيولوجي، مثل صخور البازلت الثلاثي Basalt Rocks Tertiary (TVB) ، ومنها صخورها الاندسيت Landsite ولافا الترشيت Trachyte Lava. كما هو الحال في القزعة ولودية وعنفد وحذارة وبخال ، أما في جزئها الغربي فتظهر كتلة جبلية تنتمي جيولوجياً إلى تكوينات العصر الكريتاسي من الزمن الثاني، وتعرف بصخور مجموعة الطويلة الرملية Tawilah Sandstone Group، وهي عبارة عن سلسلة مرتفعة تتكون من طبقات متداخلة ومتعاقبة بعضها فوق بعض، يطلق عليها Cretaceous Sandstone Succession (2)،وتبدو من بعيد على هيئة خزان معلق فوق طبقة صلبة من الصخور البركانية، ويبدأ ظهورها عند قلعة القلة المطلة على مدينة العوابل وتمتد بعد ذلك كشريط ضيق يسير باتجاه الشمال الغربي ليتصل بجبال مريس/مديرية قعطبة ، ويبلغ متوسط سمك هذه الطبقة في بعض المناطق ما بين 220 – 250 متراً (3). في حين يصل في مناطق أخرى إلى ما بين 200 – 400  متر(4). ومن أبرز المميزات العامة لهذه التكوينات أنها تتصف بقلة الصلابة وضعف المقاومة بدليل تعرضها للتشققات وسرعة الانهيارات بفعل عوامل التجوية والتعرية السطحية التي جعلت من أطرافها الهامشية عبارة عن حيطان مرتفعة وشديدة الانحدار تتراكم عند أقدم سفوحها كتل من الصخور الممزقة، كما هو الحال في القهرة والمضو واقذيذ ولنجود والصومعة، إلا أنها تمثل أفضل الطبقات الصخرية التي تحتوي على مكامن ذات صخور كتمية حاجزة للمياه الجوفيةConfined Aquifers ومتشبعةSaturated بالمياه الاحفورية المخزونة في أعماق متوسطة تصل إلى ما بين 200 – 400 متر، إلا أن جبال العوابل المشرفة في ارتفاعها على العوابل والصلأة وقتد واشمان والقهرة، لا تتوفر فيها هذه الصفات لمحدودية أتساعها، لكنها تحمل في طبقاتها الجوفية كميات جيدة من المياه العذبة كما في المضو (الحقل) وجبل المكسر، ومع ذلك فقد تعرضت خلال السنوات القليلة الماضية لظاهرة الحفر العشواني للآبار الجوفية التي تجاوز عمق البعض منها أكثر من 500 متر، وهو الأمر الذي ترتب عليه جفاف الآبار السطحية ومجاري الغيول الموسمية، نتيجة الاستنزاف بسحب كميات كبيرة لري أشجار القات دونما مراعاة لمخاطر اختلال عملية التوازن المائي.   

 ومن العيوب الطبيعية التي تتصف بها الهضبة الجبلية لمنطقة الشعيب، أنها عبارة عن كتلة صلبة تمثل حدا فاصلاً لخط تقسيم المياه السطحية التي تجري بسرعة بعد هطول الأمطار الموسمية الصيفية، حيث تنداح بواسطة الشعاب العميقة باتجاه الشمال والشرق إلى وادي بنا، وباتجاه الغرب والجنوب إلى وادي تبن. وهذا الوضع الطبيعي جعل مديرية الشعيب فقيرة جداً بمواردها المائية: السطحية والجوفية. 

النشاط الاقتصادي لسكان مديرية الشعيب.

  أن إنسان هذه المديرية يتميز بحبه للأرض وشغفه بمزروعاتها وحرصه على حمايتها من التعرية وعلى تأهيلها المستمر بالحراثة والتسميد ، غير أن الإنتاج الزراعي،الذي يكون عادة من محاصيل الذرة الرفيعة والدخن، قل أن تحصد ثماره؛ بسبب الانقطاع المفاجأ للأمطار في أغلب السنوات. وغالباً لا يزيد المعدل السنوي لكمية الأمطار في الشعيب عن (330) ملم/سنة) ، وهي لا تهطل إلا بعد انقطاع يمتد على مدى أكثر من تسعة أشهر، وعادة ما يكون هطولها خلال شهري يوليو – أغسطس وأحيانا تهطل أمطار ربيعية في شهري ابريل – ومايو ، فتتم حراثة المدرجات وبذر الحبوب فيها لكن انحباس الأمطار بعد ذلك يؤدي إلى عدم إمكانية نمو الزرع وموته وهلاكه دون الاستفادة حتى من أعلافه الجافة.

  ولا تقتصر المعاناة على تلف المحصول الزراعية، بل أن هناك ما هو أخطر من ذلك؛ بسبب ما يترتب على قلة هطول الأمطار من أزمات خانقة في تأمين مياه الشرب، حيث تجف الآبار ، ونادرا ما تلبي احتياجات السكان لأكثر من ثلاثة أشهر. وهذه الحالة تكاد تكون المشكلة الأولى التي يعاني منها أبناء الشعيب منذ سنوات طويلة إلى درجة أن النساء في أكثر قرى المديرية يصرفن جل وقتهن ومجهودهن في البحث عن الماء من قرية إلى أخرى، وقد ينتهي اليوم بدون أن يعثرن على شيء منه. ومن ثم يضطر الناس إلى جلب ما يحتاجونه من الماء من مديرتي الحصين والضالع ، حيث يصل سعر (بوزة) الماء سعة 1500 جالون إلى أكثر من عشرين ألف ريال ، لذلك تعد الاحتياجات الاستهلاكية لمياه الشرب والاستخدامات في الأغراض المختلفة، من أشد صعوبات الحياة الاجتماعية وأكثرها قساوة ومعاناة عند جميع الأسر، بمن فيهم أسر المغتربين والمهاجرين الميسوري الحال من الناحية المادية. 

  وكم كانت فرحة السكان في المديرية عندما تبنت دولة الكويت عام 1982م، ثم بعد ذلك الصندوق العربية للتنمية الاقتصادية عام 1998م، في تحقيق حلمهم الكبير بمشروع مياه وادي بنا، الذي أجريت له الدراسات الهندسية ووضع ضمن خطط التنمية لدولة الجمهورية اليمنية، إلا أن ذلك المشروع للأسف لم يجد طريقة للتنفيذ رغم الوعود الانتخابية، وتبرعات المغتربين.

    لهذا سيبقى مشروع مياه وادي بنا السبيل الوحيد والهدف الاستراتيجي الممكن تحقيقه لمعالجة ولو جزئياً الأزمة المتفاقمة لنقص مياه الشرب ، ولدى أبناء الشعيب القدرة المعنوية والمادية ، أن صدقوا في تعاونهم وعزموا بنواياهم المخلصة على تنفيذ هذا المشروع الحيوي، على أن يكون ذلك بمساعدة ودعم الدولة، وبأشراف الجمعية الخيرية التي يثق الناس بمتابعة القائمين عليها في أنجاز أملهم المتعثر.     

  هذه الصورة الواقعية لحالة أبناء مديرية الشعيب، مع أنها لا تختلف عن حالة العديد من مديريات المحافظة ومناطق اليمن، كانت دافعا طبيعيا للهجرة والاغتراب.حيث تشير بعض الدراسات الاجتماعية إلى أن أول تاريخ الهجرة من مديرية الشعيب كان في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. وتحديدا خلال الفترة من 1870_1885م, وقد تشير بعض الدراسات إلى أن هنالك أعدادا من الذين غامروا بالذهاب إلى عدن ثم إلى أفريقيا وجنوب شرق آسيا والهند، قبل ذلك التاريخ ، ومنهم من انقطعت عنه السبل ولم يعرف مصيره، ومنهم من استوطن تلك الديار .

  الجدير بالذكر أن ظاهرة الهجرة بالنسبة لأبناء الشعيب قد مرت بثلاث مراحل،هي: الأولى وتتوافق مع مرحلة الهجرة القديمة لليمنيين إلى دول شرق أفريقيا والهند . والثانية كانت في مطلع القرن العشرين واتجهت إلى دول شرق آسيا ثم دول غرب أوروبا وبخاصة بريطانيا.والمرحلة الثالثة وهي الهجرة الحديثة المستمرة إلى بريطانيا العظمى، وقارة أمريكا الشمالية الولايات المتحدة الأمريكية وكندا ، وإلى مجلس التعاون الخليجي ( المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وقطر والبحرين).

  وما يؤسف له أن حركة الاغتراب من مديرية الشعيب ومناطق كثيرة من اليمن، سواء منها  القديمة أو الحديثة، لا تمتلك بيانات أو سجلات مرجعية رسمية تبين أعدادها وتحدد مناطق تواجدها، على الرغم مما تمثله عائدات المغتربين كمصدر أساسي في الدخل الاجتماعي ورافد حيوي يغذي موازنة الدولة بالعملات الصعبة.

وعلى وجه التقريب، يمكن أن يقدر عدد المهاجرين من أبناء الشعيب، حتى النصف الأول من عام 2008م، ما بين 4500-6000 مغترب. منهم نسبة 45% في الولايات المتحدة الأمريكية. ونسبة 36% في المملكة العربية السعودية ودول الخليج, والباقي 19%في بريطانيا ودول أخرى.

   وإذا كانت الهجرة قد مكنت كثيراً من الأسر من تأمين متطلبات عيشها المادية ،أو على الأقل، حفظ ماء الوجه وتحاشي الهوان في الوطن، فإن ذلك لم يكن إلا على حساب راحة هؤلاء المكافحين الذي يتحملون مشقة البعد والحرمان عن أهلهم وأحبابهم، خاصة وأن أبناء هذه المنطقة شديدو التعلق بمسقط الرأس وموطن الذكرى، وحريصون على حضورهم المميز في الوسط الاجتماعي الذي نشئوا به وأخذوا عنه قيمهم الاجتماعية النبيلة  .

ختاماً: نتمنى من الله عز وجل أن يأخذ بيدهم حتى يتمكنوا من تحسين أوضاع هذا البيت (الشعيب) ليكون مستقراً عزيزاً وكريماً بهم ولهم .

 –  ملاحظة هامة:

     إلى كل الأحباء في مديرية الشعيب، لقد قررت كواجب علمي أن أعد دراسة جغرافية تشمل مختلف الجوانب الاجتماعية والاقتصادية لسكان مديرية الشعيب.. وبخاصة ظاهرة الهجرة والاغتراب بما لها من انعكاسات سلبية وايجابية على واقع المديرية ، لذلك أدعو كل من لديه استعداد لمشاركتي في هذا الواجب، وبخاصة جمع البيانات عن كل قرية في الشعيب لحصر تاريخ الهجرة فيها ، على أن يكون الغرض من ذلك (أعداد دراسة علمية أكاديمية وتاريخية لتوثق حركة الاغتراب من الشعيب إلى مختلف دول العالم) . منتظر تواصلكم على مع حبي واحترامي. d_aqeel2010@yahoo.com

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المــراجــع ـ

(1) الجمهورية اليمنية،وزارة التخطيط والتعاون الدولي، الجهاز المركزي للإحصاء، النتائج النهائية للتعداد العام للسكان والمساكن والمنشآت ديسمبر 2004م، التقرير الثاني، الخصائص الديمغرافية للسكان، صنعاء 2006م، ص 106. 

2) د. حسين مثنى العاقل، الموارد المائية واستخداماتها في حوض الضالع – قعطبة، دراسة هيدرو-جغرافية، أطروحة دكتوراه غير منشورة، كلية الآداب جامعة عدن، 2007،ص 44.

3)  Ministry of Electricity and water National Water and Sanitation Authority, Al- Shuaib Water Supply Project, Water Resources Assessment Report, Arab Connsule,final,2001,p3-3.

4) Republic of Yemen ,Ministry of Electricity and water national water and Sanitation Authority (2000) Jehaf water supply project, interim report on water resources assessment ,final, Fouad A. Al Am Engineering Office, Pakistan,p1-4.