الخطر الإنساني في اليمن

 

في الوقت الذي تنشغل فيه الساحة السياسيّة اليمنيّة بالجدال حول قرار «مجلس الأمن» الأخير والتأويلات المختلفة والمتباينة له، وتسيطر عليها مظاهر الشقاق والتوتر والاحتقان، يشهد الوضع المعيشيّ والإنسانيّ أزمة كبيرة تتفاقم مع مرور الوقت على وقع المأزق السياسي والأمني، 

 

 

ولعلّ آخر التحذيرات التي صدرت في هذا الشأن ذلك الذي أعلنه ممثل «صندوق الأمم المتحدة للطفولة» (يونيسيف) في اليمن، جيرت كابيليري، من أن اليمن على شفا كارثة إنسانيّة حقيقيّة، وأنه عرضة لأن يصبح «صومالاً جديداً على المستوى السياسي والإنساني»، وهو الأمر الذي أكّدته مديرة «برنامج الأغذية العالمي» التابع للأمم المتحدة في اليمن، لبنى علمان، مشيرة إلى ضرورة إنهاء الاضطرابات الحاليّة التي تعيشها البلاد من أجل البدء في مرحلة التعافي الاقتصادي.

 

من بين التداعيات السلبيّة الكثيرة للأزمة السياسية والأمنية في اليمن، يبرز تدهور مستوى المعيشة والمعاناة الإنسانيّة للمواطنين بسبب نقص المواد الغذائية والطّاقة، كأحد أخطر التداعيات بتأثيره في حاضر البلاد ومستقبلها، لأن استمرار المعاناة الإنسانية، واتساعها في ظل الجمود الذي يغلّف الجهود الهادفة إلى إيجاد حل سياسي للأزمة التي تعيشها البلاد، يعنيان أن الأمور ربّما تتجه إلى حالة من الفوضى والاضطراب العام، ما سيعقّد الوضع ويضيف إليه المزيد من أسباب الانفجار.

 

لقد صدرت خلال الفترة الماضية تحذيرات عديدة من «صوملة» اليمن، سواء بالمعنى السياسي أو الإنساني، وتجد هذه التحذيرات ما يدعمها على أرض الواقع في ظلّ احتدام الاحتقان بين الفرقاء السياسيين، وحدّة الاستقطاب داخل المشهد السياسي اليمني، فضلاً عن بروز النزعات الانفصالية والطائفية والعسكرية، وتصاعد التّهديد الذي يمثله تنظيم «القاعدة» الذي وجد في ظروف الاضطراب التي تعيشها البلاد فرصة لتوسيع نشاطه، وتأكيد حضوره، واكتساب المزيد من الأرض والنفوذ. هذا الوضع الخطر في دولة مهمّة بالنسبة إلى تجارة العالم وأمنه واستقراره مثل اليمن، هو الذي يدعو إلى الاهتمام العالمي والإقليمي بالأزمة اليمنيّة، والسعي إلى إيجاد تسوية سلمية وسريعة لها، وذلك من منطلق الإدراك لحقيقة أن كل يوم يمرّ من دون التوصل إلى هذه التسوية يزيد من نذر الخطر في الأفق، ويضفي المزيد من التعقيد على الوضع برمّته، وهو ما يدفع ثمنه الشعب اليمني، إضافة إلى الأمن الإقليمي والعالمي.

 

لقد حان الوقت لخطوات ومواقف واضحة لنزع فتيل التوتّر، والانخراط في حلّ سلمي يستند إلى مبادرة دول «مجلس التعاون لدول الخليج العربيّة» وهي المبادرة التي حظيت بالدعم والتأييد من «مجلس الأمن» في قراره الأخير حول اليمن، لأن الاستمرار في الجدال والخلاف من شأنه أن يغلق باب فرصة الحلّ السلميّ أمام اليمنيين، وهو الباب الذي ما زال مشرعاً، وتمثل «المبادرة الخليجيّة» مدخله الأساسي المؤيد إقليمياً ودولياً.

مركز الدراسات في الأمارات