شطارة : الحوار الشامل الذي لا يستثني أحد وبدون خطوط حمراء هو المخرج للجميع في اليمن

 

قال الكاتب والناشط السياسي لطفي شطارة عضو المجلس الوطني لقوى الثورة أن اليمنيين جميعا يطمحون للتخلص من بقايا النظام السابق، مشيرا إلى أن لثورة الشبابية تمكنت من الإطاحة بهذا النظام الذي جثم على الشعب اكثر من (33) سنة وعمل خلالها على زراعة الكراهية و تدمير الوحدة و الاستئثار بالسلطة والثروة، 

 

و قال في حوار أجرته معه “خليج عدن” خلال زيارته الأخيرة لعدن إن الحل لكافة القضايا المطروحة يتمثل في الحوار الوطني الشامل، داعيا في حديثه لحوار شامل لا يستثني أحدا ولا تحده سقوف أو شروط مسبقة ولا خطوط حمراء، و إلى تفاصيل الحوار:

·      نبدأ من قراءتك للمشهد السياسي الراهن؟

– المشهد السياسي اليوم بعد الحراك الجنوبي و ما افرزه منذ العام 2007 و ثورة الشباب التي تفجرت العام الماضي 2011م في كل ربوع اليمن، وأسفرت عن الاطاحة بالنظام الذي جثم على شعبنا اكثر من (33) عاما، و أوصل اليمنيين إلى الاحتقان و إلى حافة الهاوية، و دمر الوحدة اليمنية و أوصل الوضع السياسي و الاقتصادي إلى التدهور، بعد هذه الثورة و الحراك نعيش الآن مرحلة جديدة توقفت فيها مسلسل الدم و  الحروب، آن لكل اليمنيين أن يجلسوا على طاولة الحوار و يطرحوا مشاريعهم للخروج باليمن نحو الحل، ولا ينبغي لطرف أن يفرض مشروعه على الآخرين، و أنا شخصيا أعتقد أن المبادرة الخليجية شكلت طوقا نجاة لليمن و اليمنيين من الدخول في حرب أهلية كان يسعى لها النظام و يسعى لخلط الأوراق و تفجير الوضع كي يبقى في السلطة على جثث الأبرياء و على طموحات الشباب و على أحلام الشعب اليمني شمالا و جنوبا، جاءت المبادرة هذه  لإخراج اليمن من الصوملة التي كان قد رسمها النظام السابق و ظل يقول دائما في خطاباته: أنا و من بعدي الطوفان، هذا هو الطوفان الذي كان يهدد به، و نحن نقول إننا الآن على أعتاب مرحلة جديدة، و هو الحوار الوطني، هو المخرج و هو حجر الزاوية، و أنا أعتقد أنها فرصة تاريخية سواء للقضية الجنوبية أو شباب الثورة لحل كل قضايانا، و من حق كل طرف أن يطرح رؤيته بما فيها من يطرحون فك الارتباط و هذا من حقهم أن يطرحوا ما يشاؤون،

·      ما تقييمك لما يجري اليوم في الساحة الجنوبية؟

–       الجنوب يا أخي هو الذي سعى للوحدة و نادى للوحدة، و دفع ثمن الوحدة، لكن للأسف كان نظام علي عبدالله صالح يرسم مشاريع أخرى غير  المشاريع التي رسمها أبناء الشعب من الوحدة بحيث يشمل خيراتها كل ابناء الوطن،  جاء علي عبدالله صالح و طعن الجنوبيين من الخلف، حطم آمالهم و طمس هويتهم و قتل مستقبلهم و عمل ما لم يعمله الإمام في الشمال و لا بريطانيا في الجنوب، زرع الكراهية في أوساط الشعب، و أوصل الجنوبيين إلى الاحتقان فيما يخص الوحدة و المستقبل، و يجب أن نسمع اليوم صوتهم و نحترم رأيهم، الشعب في الجنوب يطمح للعيش بكرامة، أحلام اليمنيين في الشمال و الجنوب في التخلص من العصابة الحكم السابق و بقايا النظام علي عبدالله صالح، و لعل الجنوبيين يجدون بصيص أمل، و يشعرون أن مستقبلهم في دولة مركبة و نظام فيدرالي  بعد فشل الوحدة الاندماجية، بحيث يضمن كل مكون الاستفادة من ثرواته و خيرات محافظاته و ما ستعود عليهم المشاريع الاستثمارية، و ضمان سير عجلة التنمية و الخروج من البطالة التي يعيشها البلد، بعدما أقفلها النظام السابق الذي كان يسعى للاستئثار بالسلطة و الثروة و لا يهمه مستقبل هذا البلد و لا يهمه أن يتشظى و لا يهمه أن يعيش أكثر من ستة ملايين شاب على أرصفة البطالة. و أنا اعتقد أن الحوار الوطني هو المخرج لحل كل القضايا بما فيها القضية الجنوبية العادلة و التي بدا النظام يؤكد اليوم إنها حجر الزاوية في مستقبل اليمن بشكل عام.

·      في سياق الإعداد و التهيئة للحوار الوطني، كيف تقيم هذه الخطوات و ما الذي تراه ضروريا في هذه المرحلة؟

–       أخي الكريم أقول إن الحوار الوطني و هو الآن ضمن أجندة الأمم المتحدة عبر ممثل الأمين العام و دولة روسيا، يجب أن لا يستثني أحد، و نحن كنا وقعنا وثيقة في يونيو 2010 مع اللقاء المشترك ما عرف باتفاق القاهرة، قبل الثورات العربية، و نص الاتفاق على أن الحوار الوطني يجب أن يكون شاملا و دون شروط و سقوف مسبقة أو خطوط حمراء، و هذا ما نركز و نشدد عليه مرة أخرى، و هذا ما نطرحه أمام الأشقاء و الأصدقاء أن الحوار الوطني الشامل لا يمكن أن توضع شروط مسبقة، و لا يمكن أن يوضع تحت سقوف محددة، و لا يصح أن يقال أنه يكون تحت سقف الوحدة، و هذا لن يقبله أي عاقل، لا الجنوبيين و لا غير الجنوبيين، للجميع أن يطرحوا قضاياهم السياسية، و علينا أن نقبل جميع الآراء المطروحة، هذا واقعنا و علينا ان نتقبل الرأي الآخر و نقبل من يطرح الفيدرالية او فك الارتباط، و و نعترف أن هناك قضية أكبر مننا جميعا، القضية الجنوبية لم تعد قضية وطنية فحسب، و لكنها صارت قضية اقليمية و المجتمع الدولي مهتم بها، و لا نتعامل باستعلاء،

·      بصفتك أحد الكتاب و المحليين السياسيين المقيمين في الخارج و ممن كان لهم دور بارز في استنهاض الوعي الشعبي ضد النظام السابق و فساده، هل يتم التواصل معكم؟

–       بالطبع يتم التواصل معنا، أنا عضو في المجلس الوطني لقوى  الثورة، وأحد الموقعين على اتفاق القاهرة الموقع في يونيو 2010م بين اللقاء المشترك و حلفائه من جهة و نحن (مجموعة من القيادات السياسية المعارضة في الخارج) من جهة أخرى، ونحن نعتقد هنا أن أحزاب اللقاء المشترك دفعت الثمن غاليا في مواجهة النظام السابق رغم أن البعض يتهمها بالعمالة، لكن الحقيقة أنها واجهت النظام السابق منذ فترة طويلة، و فيهم شخصيات وطنية و هم الذين تصدوا للنظام في قوته و في يوم لم يكن أحد يجرؤ على مواجهته، ونحن ظلينا على تواصل دائم حتى تم تشكيل المجلس الوطني و لا زال التواصل مستمر.

·      في ضوء ما يطرح من حلول للقضية الجنوبية، برأيك ما هو الحل الأنسب؟

–       نحن أول من أسس التجمع الديمقراطي تاج و مشروعنا كان يقوم على استفتاء الجنوبيين في تقرير المصير، و لم يكن مطروحا فك الارتباط أو الاستقلال، و رأينا أنه لا يمكن أن يفرض علي عبدالله صالح الوحدة بقوة السلاح، و قد ذهب اليوم بسبب فساده و طغيانه،

·      لكن تاج يتبنى “الجنوب العربي”..

–       أنا انسحبت من تاج بسبب هذا الطرح، لم يكن واردا لدينا طرح الجنوب العربي، واتفقنا من البداية على تقرير مصير و ليس استقلال، وعندما نضطر للقول أن في الجنوب احتلال إنما من باب المجاز و ليس حقيقة، نحن ذهبنا في وحدة طوعية، و الحل اليوم في حوار وطني تطرح فيه جميع الآراء و القضايا.

·      فيما يتعلق بالقاعدة وتنامي المخاوف من توسعها خصوصا بعد الأحداث الأخيرة، كيف تقرأ الوضع في ضوء المخاوف المطروحة؟

–       أعتقد أننا في 2005م سلمنا الأمريكان دراسات تتحدث أن القاعدة في اليمن ليست حقيقية وان النظام يستخدمها كورقة للمساومة و استخدمها ليس على المستوى الخارجي، في حرب 94 استخدم القاعدة في الحرب على الجنوب، و أنا متأكد أنه بذهاب بقايا النظام سيزول هذا الخطر، و إذا لاحظت على الموجودين في أبين ستجد أنهم لا يمارسون الأعمال المعروفة عن القاعدة، و لكنها أعمال عصابات منظمة و مسلحة، و كيف تتواجد هذه العصابات في الجنوب فقط.

·      كيف كانت ردة الأمريكان؟

استلموا هذه الدراسات و سلموها للدوائر  المهتمة بالشأن اليمني، و لديهم مراكز بحث و دراسات تتولاها كما هو معروف،

·      و في زيارة علي عبدالله صالح للولايات المتحدة أواخر العام نفسه 2005م يبدو أنه قوبل ببرود من الإدارة الأمريكية ولم يحصل على الدعم الذي كان يتوقعه،

–       نعم ونحن نحن كنا نتظاهر حينها أمام البيت الأبيض و نرفع لافتات تتهمه بدعم الإرهاب، و كنا نقول أن الإرهاب إذا لم يكن برعايته فهو بدرايته و هي المرة الأولى التي يتجمع فيها يمنيون أمام البيت الأبيض خلال زيارته، و بالفعل نحن لاحظنا أن البعض بدا يستوعب علاقته بالقاعدة و كيف يستخدمها لتحقيق أهدافه في الداخل و الخارج..

·      و بعدها بشهرين وقعت حادثة هروب سجناء القاعدة من السجن مطلع العام 2006م..

–       و هذه بالفعل كانت من أكبر الأدلة على دعمه لهذه الجماعات واستخدامه لها، رغم انه استخدم وقتها سيناريو لا يمكن تصديقه أو التفكير فيه عن الطريقة التي تم به تهريب السجناء. ولا تدور حتى في مخيلة معدي السيناريو في هوليود،

·      ما رأيك بالمواقف المعلنة من بعض الجنوبيين نحو الحوار الوطني؟

–       دعني اكون صريحا معك، نحن أول من طرح القضية الجنوبية أمام المجتمع الدولي قبل ظهور الحراك، وأوصلنا للعالم هذه القضية و صار المجتمع الدولي يعترف بها ويتعامل مع هذه القضية، و اليوم تطرح قضية الحوار، و لو تتذكر يا أخي انه حتى قضية السودان تم حلها بالحوار، و علينا ان نتعامل مع هذا الحوار و نطرح فيه قضيتنا، و هي فرصة تاريخية و مشرفة..

·      البعض يطرح أنه لا حوار إلا على أساس شمال و جنوب، أو على قاعدة فك الارتباط؟

–       من يطرحون أنه لا حوار إلا بين شمال و جنوب و شرق و غرب، أقول إن عليهم أن يحترموا شعب الجنوب، لماذا تتحدثون اليوم باسمه وانتم دفعتم به للوحدة دون شروط أو قيود أو محددات، و ليس وارد في اتفاقية الوحدة موضوع فك الارتباط، كان الأولى بكم أن تحترموا شعب الجنوب حين وضعتم اتفاقية الوحدة بذلك الشكل، هل تعرف أن اتفاقية الوحدة تمت صياغتها في صفحتين فقط؟..

·      مقاطعا: أقل من صفحتين..

–       إذن أقل من صفحتين بينما اتفاق الناتو على المشاركة في ليبيا ضد القذافي يتجاوز سبعمائة صفحة، و هؤلاء القادة و الساسة الذين يتحدثون اليوم عن شمال و جنوب و فك الارتباط هم الذين سلموا الجنوب لعلي عبدالله صالح عام 1990م في اقل من صفحتين، لماذا لم يضعوا شروطا حينها و يضعوا اعتبارا للشعب في الجنوب؟ هؤلاء الساسة دخلوا في الوحدة و هم لا يعرفون طبيعة النظام الذي يتوحدون معه، و أنا أقول هنا أن من كان جزءا من المشكلة لن يكون جزءا من الحل، صعب و مستحيل أن يكونوا هؤلاء جزءا من الحل في المستقبل، و أنا كجنوبي لن أقبل أن يأتوا ليطرحوا الحلول كما يرونها هم، على الشباب أن يقرروا مصيرهم وفق الحوار، و نحن رأينا ما حدث في ميركيور الأسبوع الماضي، عندما جاءت مجموعة لتعترض على تشكيل مكون و كأنهم ارتكبوا خطيئة، من هنا نقول أنه لا أحد يتحدث باسم الجنوبيين أو يحتكر الحديث باسم الجميع، هناك فئة و هم الأغلبية الصامتة لم يخولوا أحد ليتحدث نيابة عنهم،

·      بصفتك أحد أعضاء المجلس الوطني لقوى الثورة،

هل لا يزال المجلس يقوم بدوره من وجهة نظرك؟

اعتقد أن المجلس الوطني يقوم بدوره سواء في إطار المجلس أو من خلال مكوناته في اللقاء المشترك و بقية المكونات، و اعتقد أن الآلية المزمنة للمبادرة الخليجية تسير وفق ما هو متفق عليه،  و الآن يتعزز أمام الجميع أنه لا سبيل أمامنا غير الحوار.

·      كلمة أخيرة؟

–       أقول للجنوبيين لا تضيعوا الفرصة التاريخية في الحوار، و أقول للشماليين لا تضعوا العربة قبل الحصان ولا تضعوا خطوطا حمراء للحوار، و معروف إن الجنوبيين هم رواد المشروع الوحدوي

·      شكرا جزيلا لك.

–       أنا أيضا أشكرك و أتمنى لصحيفتكم التوفيق.

نقلا عن جريدة ” خليج عدن ”  حوار: فؤاد مسعد