إنهم يبيعون الوهم !!


 

بقلم / يحيى بامحفوظ

يقف شعب الجنوب اليوم على عتبة منعطف جديد من نضاله السلمي، بعد ان اجترح هذا الشعب معجزة النهوض من تحت الرماد, ونفض غبار الهزيمة بعد اجتياح أرضه في عام 1994م، وفند الفتاوى التكفيرية بحقه والتي أُريدَ بها تدمير كيانه ونهب ثرواته, وصولاً إلى تدمير مؤسساته واستئصال وجوده ومحو هويته المتجذرة في باطن الأرض وأعماق التاريخ, نعم انه منعطف جديد في نضاله السلمي خاصة إذا ما وضِعَت في مدى بصره التحديات الماثلة أمامه, وانه مازال في دربه تحديات ضخمة وعقبات كثيرة، ومع إدراكنا بأن طريق الحرية ليس مفروشا بالورود، لكن الشعب الذي صنع الانتصارات تلو الانتصارات، قادر على أن يحمي انتصاراته ويسطر غيرها، حتى كنس الاحتلال من أرضه.
كثيرة هي المؤامرات والدسائس التي طوقت ثورة شعب الجنوب, وفي مجملها تندرج تحت المحاولات البائسة لكبح تقدمه وتعتيم وهج ثورته السلمية, من خلال مشاريع بعيدة كل البعد عن طموحاته وآماله, وتنتقص من نضاله التحرري, فملهاة ما يسمى بـ “الحوار اليمني” إحداها, إذ لا مصلحة جنوبية فيه على الإطلاق, بل هو الوهم بعينه, و ملهاة أُريدَ من خلالها تمرير مشاريع تنتقص من حقه, والمؤسف في الأمر, ان هناك أياد جنوبية استهوتها اللعبة الظالمة, تحت مظلة الوهم الإقليمي والاممي, الآخذة مصداقيتهما في الانحسار وتلاشي عدالتهما شيئا فشيئا بين شعوب المنطقة, فالمبعوث الاممي “جمال بنعمر” ومن لف لفه, لعب دور سلبي, وعملوا على إطالة أمد معاناتنا دون قصد “ان افترضنا حسن النية”, ولكن يظل الظلم ظلما طالما انه واقع, وتأجيجه أو تجاهله لا يعفي من ساهم فيه ولو بحسن نية.
إننا لا نعتب على المبعوث الاممي “جمال بنعمر”, فالرجل يعمل جاهدا لإنجاح ما يسمى بـ “الحوار اليمني”, حتى وان اقتصر ذلك النجاح على الهالة الإعلامية المرافقة له, ويكفيه مجرد إشارة إعلامية وإشادة بنجاحه, وليس بالمهم ان تداس مقابل ذلك كرامة شعب, مع استمر مسلسل نهب ثرواته وتدنيس أرضه, فالمسألة سيان بالنسبة له, ولا ضير في ذلك طالما ان “عقله الباطن” يصور له بوادر بنجاح شخصي يضاف إلى رصيده الدبلوماسي, عله يرفع من شأنه درجات, ويقرب له المسافة, ويعجل باعتلاء كرسي الأمانة خلفا للسيد “بان كي مون”, أو خلفا لخلفه على اقل تقدير, ومع ذلك نسجل من خلال هذه السطور, ان حق شعب الجنوب في الحرية والاستقلال، حق مقدس، وهو استحقاق واجب الأداء, ليس آنيا, بل منذ سنوات خلت، وفوق ذلك فهو ليس منة أو منحة من أحد، بل هو حق، والجنوب بشعبه من حقه أن يناله, ومن هذا المنطلق اعتقد ان الحق الذي لا تحميه قوة, فهو حق ضائع لا محالة, ونحن لن نظل فاقدي الإرادة في الحصول على حقنا.
بلا شك ان أعداء الجنوب قبل أصدقائه, يعلمون بان ثوار الجنوب في ساحات النضال السلمي, أقوياء.. أقوياء بحقهم… أقوياء بشرعيتهم… أقوياء بتصميمهم واستبسالهم… أقوياء برجالهم وشبابهم… أقوياء بكافة قطاعات شعبهم… أقوياء بعيونهم وعقولهم وثقافتهم… فمن حقهم ان يرفعوا رؤوسهم عاليا لأنهم جنوبيون أحرار، ولتكن قاماتهم منتصبة، وهاماتهم شامخة، بعد ان أثبتوا أنهم أقوى من المحتل وأزلامه, وأقوى من أي تآمر على ثورتهم، إنهم من يصنعون التاريخ, وكل المؤشرات تدل على انهم وبصمودهم, صاروا قاب قوسين أو أدنى من النصر, انهم سيعيدون رسم وترسيخ حدود الجنوب ضمن خارطة دول العالم في القريب العاجل بإذن الله تعالى.