الجنوب من الداخل (2) !!!

( الشراكة السياسية قارب نجاة أبناء الجنوب )

بقلم : عبد الكريم السعدي

عندما حدثني أحد مقاتلي المقاومة الجنوبية شارحا لي حيثيات إحدى الحوادث التي صادفت مجموعتهم اثنا تمشيط المقاومة الجنوبية لمدينة التواهي بعد تحريرها وبالتحديد في منطقة (جولد مور )ساحل الذهب ،حيث سرد لي كيف انهم دخلوا منزل أحد القيادات الجنوبية السابقة ووجدوا في منزله أثنى عشر حوثيا بكامل سلاحهم ، وعندما حاولوا إلقاء القبض عليهم هبت الأسرة القاطنة في المنزل بالدفاع عنهم وعندما أدركت الأسرة أن دفاعها غير منطقي عن هؤلاء ادعت بأن هؤلاء كانوا أسرى لديها وعندما تساءل المقاومون كيف لأسرى أن يحتفظوا بكامل سلاحهم في منزل كل أبوابه مفتوحة ولاتوجد عليه حراسة.
المهم في رواية بطلنا هو ما سيأتي حيث قال :-

عندما سلمتنا الأسرة هؤلاء الأسرى بعد جهد كبير خرجنا بهم ولم نذهب بعيدا حيث استوقفتنا مجموعة من القوى التي تريد فرض أجندتها على الجنوب وابناءه والمتوشحين بوشاح الدين وطالبوا بتسليم الأسرى وعندما عرفنا بأنفسنا بأننا مقاومة جنوبية أصر هؤلاء على تسليم الأسرى وعندما رفضنا أشهروا في وجوهنا السلاح وأخذوا أوضاع قتالية مما يوحي بأنهم جادين في انتزاع الأسرى منا ،وتجنبا للانقسامات في الصف الجنوبي تجنبنا الصدام وسلمناهم الأسرى وبلغنا الجهات المختصة بما حدث !!!

انتهت رواية البطل الجنوبي.
لاشك أن ظاهرة اعتراض مجموعة مسلحة تنتمي إلى تنظيم إسلامي متواجد بقوة على الساحة الجنوبية بحكم الدعم المادي والمعنوي الذي ثضفيه عليه بعض القوى المشاركة في التصدي للعدوان الحوثعفاشي من بوابة التحالف العربي أمر يستحق التوقف أمامه كثيرا وهو ناقوس له توابعه التي يجب قطع الطريق على تواليها كما أنه كفعل يؤكد مخاوفنا التي ذهبنا اليها في الحلقة الاولى من (الجنوب من الداخل1 ) !!!

هذا الحادث مؤشر على أن الجنوب لن يرى نهاية للمسرحية الدامية التي تدور على ارضه بنهاية القوى الغازية وهزيمتها ودحرها إلى خارج حدوده بل إن هناك من يعد لفصولا أخرى امتدادا لتلك المسرحية تحت مسميات عدة وأهداف مختلفة تبدأ بوحدة الأمة ولاتنتهي عند حلم (إقامة الدولة الاسلامية) !!!

 
ولأننا مسلمون موحدون نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ونرى اهمية الهدف العظيم لتوحيد الأمة الاسلامية فإننا نؤمن أشد الإيمان بأن توحيد الأمة الإسلامية وإعلاء راية الإسلام لن يأتي من خلال (حفلات) الإعدام الجماعية التي نتابعها علىالاراضي العربية في سوريا وليبيا والعراق ومصر والصومال واليمن وغيرها من بقاع العالم ولكنه حتما سيأتي من خلال نشر تعاليم الإسلام السمح الذي يقوم على الآية الكريمة والصريحة في هذا الموضع (وجادلهم بالتي هي احسن…..) الآية.
عندما تختل موازين القوى ينتج عن ذلك سيطرة فئة معينة الأمر الذي يمهد الأرضية لميلاد الديكتاتورية وبالتالي شيوع الظلم الذي يكون سببا في عدم الاستقرار… ومايحدث إلى اللحظة في الجنوب هو سيطرة فئة معينة ذات توجهات محددة وأهداف لاحاضن لها في الجنوب وسبب تلك السيطرة يعود الى توجيه الدعم العسكري والسياسي باتجاه تلك الفئة منفردة إضافة الى مؤثرات أخرى تبدأ من ضعف القيادة في الجنوب عسكرية ومدنية وتخبطها أمام تلك الفئة ولاتنتهي عند انخفاض مستوى الوعي لدى الإنسان العادي في المجتمع الجنوبي مما يجعله عرضة وضحية لاكذوبة مفاتيح الجنة التي وظفها عدو الجنوب الأول الحوثي ويواصل الاستفادة من توظيفها بقية قوى الإسلام السياسي على الساحة الجنوبية !!!

 

لعل من الأخطاء التي يقع فيها الأخوة في التحالف العربي هو انطلاقهم ومراهنتهم على الاختلافات بين قوى الإسلام السياسي في الجنوب ونحن هنا ننبه أن الحالة الجنوبية يجب أن تأخذ وضعا خاصا في هذا الجانب فنحن أمام قوى متساندة تؤثر في إدارة معاركها قوى موحدة هي قوى الفساد في الجمهورية العربية اليمنية كما أن هناك معركة جمعت تلك القوى خلال فترة ليست بالقصيرة شهدت أكبر عمليات استقطاب وتأثير واختلطت معها ملامح الصورة وباتت إمكانية تعاطي تلك القوى مع بعضها واردة بعيدا عن الأهداف الاستراتيجية وخدمة للأهداف الآنية التي يأتي في مقدمتها محاربة قوى الحراك الجنوبي ألحاضن الشرعي لقضية الجنوب والجزء الآنشط والفاعل في المقاومة الجنوبية التي تصدت للعدوان وصنعت النصر !!!

 

لاشك أن هناك تحديات كبيرة تقف أمام قوات التحالف العربي يأتي في مقدمتها العمل وبسرعة لإعادة التوازن بين القوى على الساحة الجنوبية فذلك هو الضمانة الأقوى لعدم انحدار الجنوب الى صراعا قد يفسد كل الإنجازات التي تحققت ويقود إلى كارثة لاسمح الله.. ويأتي في المرتبة الثانية رعاية حوار جنوبي بين القوى الجنوبية الفاعلة على الساحة يؤدي إلى الشراكة الحقيقية والمتساوية بين تلك القوى في إدارة مرحلة انتقالية مزمنة تحت مظلة الشرعية تفضي إلى خطوات بناء الدولة الجنوبية الفيدرالية الحديثة !!