الهبة الشعبية حاله من حالات الثورة وليس العكس !!!‏

 

السعدي

منذ انطلاقة الهبة الشعبية  في حضرموت كبداية ثم في بقية المحافظات وأنا أحاول لملمة خيوط العلاقة بين تلك الهبة الشعبية الوليدة والثورة الجنوبية التي مضى على انطلاقها أكثر من سبع سنوات إذا ما اعتبرنا العام 2007م هو عام انطلاقها .

في الحقيقة أن هناك مؤشرات وحقائق ممكن الاستناد عليها تشير وتدل على توجه الهبة الشعبية القبلية في موطن انطلاقها الأول م/حضرموت , تعمد أبناء القبائل التي تبنت تلك الهبة إظهارها منذ بيانها الأول , كما اعتقد أن تلك المؤشرات والحقائق التي كانت واضحة في بيانات الهبة القبلية كانت بمثابة رسائل  عديدة لأطراف عدة يتوجب على كل طرف التقاط ما يعنيه من تلك الرسائل وترتيب أجندته للتعاطي معها ومن خلالها مع الهبة وأهدافها ومطالبها !!

 

هناك أسئلة تلح على الكثير من أبناء الجنوب هي هل استطاعت قوى الثورة الجنوبية التقاط ما يعنيها من رسائل بيانات الهبة الشعبية والقائمين عليها ؟؟ هل رتب ثوار الجنوب أوراقهم واعدوا البرامج السليمة لكيفية التعاطي مع الهبة الشعبية بالطريقة الصحيحة بحيث تصبح رافدا ايجابيا للثورة الجنوبية وأهدافها ؟؟ هل أدرك ثوار الجنوب فحوى الرسائل الموجهة إليهم  وأسبابها ؟؟ وأخيرا هل مبعث رسائل الهبة الشعبية للثورة الجنوبية مؤشرا على انقسام من نوع جديد في الساحة الجنوبية أم أنها عبارة عن تكتيك مرحلي ينشد من وراءه الابتعاد بالهبة عن مسار الثورة وإبقائها في إطار المطالب الشعبية؟؟

 

في اعتقادي أن المتابع العادي يستطيع أن يلمس وبوضوح من خلال البيان الأول الصادر عن قيادة الهبة الشعبية  وما تلاه من بيانات ولقاءات وتصريحات ميول قبائل (الحموم) إلى الابتعاد عن ربط الهبة الشعبية القبلية (المطلبية)  بالثورة الجنوبية بل وبأبناء الجنوب في بقية المحافظات الأخرى ولعل لديهم ما يبرر هذا الموقف وهذا القرار وهو أمر لا يستطيع احد أن يعاتبهم عليه أو يلومهم أو يزايد عليهم لأسباب نعلمها نحن ثوار الجنوب قبل غيرنا , وما يجب التركيز عليه هنا هو الإجابة على السؤال الأول الذي يتناول مدى التقاط ثوار الجنوب لما يعنيهم من الرسائل الموجهة والتي حملتها بيانات القبائل التي ترعى الهبة الشعبية في حضرموت !!

 

إلى اللحظة تؤكد كل الظواهر أن قوى الثورة الجنوبية  لم تتوازن بعد ومازال التأرجح والارتجاج سيد الموقف لديها رغم مضي أكثر من تسعة عشر يوما على انطلاق الهبة الشعبية ومازال خطابهم هو خطاب 2009م , ويشعر المرء أحيانا أن تأثيرات الهبة لم تصل بعد مرابع ثوار الجنوب , حيث أن المتابع لحالة قوى الثورة الجنوبية يلمس الهوة مابين المسارين مسار الثورة ومسار الهبة الشعبية , ويلمس أيضا محاولات للبعض لخلق اندماج أو توافق أو حتى تقارب مابين الثورة والهبة وهي محاولات في اغلبها لا تبنى على التسليم بالواقع بل أن أصحابها يذهبوا إلى تحدي الواقع الأمر الذي يؤكد أن الكثير من قوى الثورة الجنوبية لم تستوعب بعد الرسائل الموجهة أليها من قبل الهبة الشعبية وبالتالي فحالة الفشل والتخبط تظل رديفا لعملها  فتراها تارة صاحبة قرار الهبة الشعبية والراعية لها وتارة أخرى لجان تنسيقية موازية للهبة الشعبية وأخرى قائدة للهبة الشعبية !!!

 

لو أن قوى الثورة الجنوبية استوعبت فحوى رسائل الهبة الشعبية من البيان الأول لها وبادرت بالإجابة على السؤال الثاني المتعلق بترتيب الأوراق وإعداد البرامج بناء على استيعاب فحوى تلك الرسائل , لقامت بأعداد البرامج التي تبقي على الهبة كوسيلة نوعية متطورة من وسائل التعبير الثورية الجنوبية وذلك من خلال العمل الإعلامي ومن خلال التصعيد السلمي في كل محافظات ومديريات الجنوب , ولابتعدت عن خطط سير عمل الهبة وتركت المجال التعبيري على الأرض للقبائل ومن ينظم إليهم من الطيف الاجتماعي الجنوبي , وكفت عن محاولات لي عنق الثورة لمحاولة خلق ظروف لإقحامها تحت مظلة الهبة!!

 

لاشك أن قوى الثورة الجنوبية وإن كابرت قد عجزت  في خلق تواصل جدي ومثمر بين الثورة الجنوبية والهبة الشعبية وهو فشل له ما يبرره حيث أن العادة جرت منذ 2009م عند هذه القوى ومموليها على أن مرتكز النضال الجنوبي يقوم على مبدأ التسابق على ( إعلان المسئولية عن الفعاليات الثورية) وليس التسابق ل

خلق تلك الفعاليات وتنظيمها والاجتهاد لإيصالها إلى أعلى مراتب الكمال , وهو الأمر الذي أبقى الثورة على مدار أعوامها الماضية أسيرة الخلاف والتباين الغير موضوعي وقاد إلى الصدمة حين فكرت هذه القوى في محاولة إسقاط أو تطبيق هذا المبدأ على تجربة الهبة الشعبية في حضرموت !!

 

نحن لسنا ضد الهبة الشعبية بل نؤيدها وندعم أخواننا في حضرموت ونعتبر التوفيق إلى أجبار الدولة بقبول مطالب الهبة هو انتصار للثورة الجنوبية حتى وان لم يرفع شعار (التحرير والاستقلال), كما أننا لسنا بطرحنا هذا نفصل بين القبائل الجنوبية والثورة الجنوبية فالثوار من أبناء قبائل الجنوب وقبائل الجنوب ننظر إليها بأنها العمق الاستراتيجي للثورة الجنوبية وداعمها الرئيسي , كل ما في الأمر هو أننا كنا نأمل أن ينظر للهبة بأنها فرصة مراجعه للحسابات وحالة خروج من نمط الثورة المتصارع , كما أننا ننشد تسمية الأشياء بمسمياتها ولا نريد أن نصبح كثوار (كالعاشق الكذاب الذي يفرح بالتهم) , فالثورة مستمرة والهبة حاله من حالات الثورة ولا ينفع مطلقا أن ننظر إلى الثورة بأنها حاله من حالات الهبة , وعلينا أن لا نتوقف كثيرا كقوى ثورية عند مسألة من الذي سيحتوي الهبة ويعلنها انجازا من انجازاته بل يجب أن نفكر في خدمة خطط تنفيذ الهبة بحيث تصل إلى مطالبها , وعلينا التركيز عل مسائل أهم ومنها الإجابة على السؤال الأخير الذي أوردناه في بداية هذا الطرح وهو هل مبعث رسائل الهبة الشعبي لقوى الثورة الجنوبية مؤشرا على انقسام من نوع جديد على الساحة أم أنها مجرد تكتيك مرحلي يهدف للحفاظ على الهبة الشعبية في إطارها ألمطلبي  ؟؟؟

سنترك الإجابة على هذا السؤال إلى المقال القادم أن شاء الله وحتى ذلك الوقت على أبناء الجنوب التنبه إلى مسألة مهمة هي أن يدركوا جيدا بأنهم ليسوا اللاعب الوحيد في المخاض الذي تشهده مناطق الجنوب ( الهبة الشعبية) بل أن هناك لاعبين إقليميين ومحليين يساهموا بفعالية في توجيه دفة الأمور كل إلى حيث تكمن مصالحه وبالتالي علينا أن ندرك أين تكمن مصالحنا وما مدى الخطر الذي يتهدد وحدة جنوبنا ونبني خططنا على هذا الأساس حتى لا نجد أنفسنا بدون إدراك قد خدمنا مشاريع غيرنا !!

 

                                                                         عبد الكريم سالم السعدي

                                                                                    عدن

                                                                                يناير2014م