الحوار: الاصدقاء والتحديات ! (2)

 
 
 
محمد السندي
 
“أن الرئيس عبدربه منصور هادي كان وجهه وجه خير على اليمن حيث تمكنت اليمن من تجاوز العديد من التحديات التى تواجهها” وزير الخارجية السعودي في رده على سؤال لـ وكالة الانباء اليمنية ،[25/سبتمبر/2013] نيويورك – سبأنت: عصام البحري – عادل الصلوي 
 
في مثل هذا الشهر من كل عام تستضيف الجمعية العامة للامم المتحدة الدورة السنوية لاعضائها حيث يحيطون الرؤساء ووزراء الخارجية العالم بمواقف وسياسات بلدانهم كما جرت العادة ان تنُتهز فرص هذا التجمع الكبير لعقد العديد  من اللقاءت والاجتماعات المهمة ، ولقد كان للسياسة الخارجية اليمنية دورا متميزا وملموسا في هذا المجال ففي العام الماضي حضيت زيارة الرئيس عبدربه منصور  بالكثير من الاهتمام حيث التقى بعدد كبير من قادة دول العالم في مقدمتهم الرئيس باراك اوباما كما احتلت اجتماعاته بزعماء دول اصدقاء اليمن ” الدول المانحة” الدرجة الاولى وكذلك كلمته عند الاستماع  لتقرير السيد بان كي مون الامين العام للامم المتحده ومساعده  الى اليمن السيد جمال بنعمر الى مجلس الأمن وما تمخض عن ذلك من نتائج واشادة بدور الرئيس وبجهود كل قيادة اليمن وبما تميزت بها التجربة اليمنية من نجاحات جعل منها دولة تحضى باحترام دول العالم. 
في الدورة الحالية ينشط وفد اليمن برئاسة الدكتور ابوبكر القربي وزير الخارجية والدكتور محمد السعدي وزير التخطيط  والوفد المرافق لهما وبالتنسيق والتنظيم من الوفد الدائم برئاسة السفير جمال السلال في الاعداد والترتيب للقاءت اولها  الاجتماع الوزاري السادس لاصدقاء اليمن الذي اختتم اعماله يوم الأربعاء الموافق 25/9/2014 وبالمؤتمر الصحفي لوزراء دول الرئاسة المشتركة لأصدقاء اليمن الذي اعرب فيه كل الوزراء وممثلي المنظمات المانحة عن كل الأحترام للتجربة اليمنية الفريدة بقيادة الرئيس عبدربه منصور وحكومة الوفاق الوطني بقيادة الأستاذ محمد سالم باسندوة والذي عبر وزير خارجية المملكة العربية السعودية الأمير سعود الفيصل عن تفاؤله في تجاوز اليمن للتحديات التي تواجهها مشيرا الى أن مؤتمر الحوار الوطني قارب على الانتهاء وان النتائج مبشرة لصالح اليمن .
يذكر ان  وزير التخطيط الدكتور محمد السعدي كان قد صرح الثلاثاء عشية انعقاد اجتماع أصدقاء اليمن في نيويورك، ان صنعاء تنتظر من المانحين الوفاء بتعهداتهم المالية البالغة 7.8 مليارات دولار والتي تم صرف اقل من ربعها فقط. وقال السعدي ان “وفد الحكومة اليمنية إلى اجتماع المانحين في نيويورك يسعى للحصول على دعم المانحين لمرحلة ما بعد الحوار الوطني” الذي يفترض ان ينتهي باسرع وقت وان انجازه متعثر حتى الساعة بسبب الخلاف حول عدد الاقاليم في الدولة الاتحادية التي سيتم اعتمادها في اليمن.
اختتم اجتماع اصدقاء اليمن اعماله وكان رئيس وفد اليمن الاخ  وزير الخارجية قد جدد الدعوة للدول المانحة في المساعدة في تنفيد متطلبات الحوار الوطني وكذلك تقديم المتطلبات الضرورية للحكومة اليمنية حتى تتجاوز كل التحديات التي تواجهها في مقدمتها ما يساهم في توفير الامن والامان وفي مكافحة الارهاب الذي تزايد نشاطه في الاونة الاخيرة.
الاجتماع الثاني الاخر والاهم هو الذي القى فيه رئيس وفد اليمن وزير الخارجية كلمة بلاده امام مجلس الامن بمناسبة تقديم السيد جمال بنعمر تقريره الذي اشاد قيه بما تحقق من انجاز في اليمن ملخصا اهم ما تحقق خلال ال23 مهمة الى اليمن مطالبا بعدم السماح للصعوبات ان تُعرض المكاسب للخطر ومطالبا جميع الاطراف حل الخلافات عبر الحوار والتشاور ونبذ اللجوء الى اعمال العنف لتحقيق اغراض سياسية .
السفير بنعمر اكد في تقريره ان القضية الجنوبية قضية شائكة لاتزال قيد النقاش ومؤكدا ان العملية الانتقالية بلغت منعطفا حاسما وهو ما اكد عليه الرئيس الدكتور ياسين سعيد نعمان في الرد على القضية الجنوبية  في 27/09/2013  قائلا  :-        (ان خيار الإقليمين يحمي اليمن شمالاً وجنوباً ولن يؤدي الى تفكيك البلد) . 
لقد صدق السفير بنعمر في تقريره لمجلس الامن عندما قال ان التحديات ليست سياسية فحسب وانما اقتصادية وانسانية وامنية ولاتزال جميع الاطراف متنازعة مؤكدا ما سبق وان كرره مرارا من (ان اليمن يبقى حتى اليوم البلد الوحيد من بلدان الربيع العربي الذي يشهد عملية انتقالية تفاوضية وسلمية ) مشيرا الى ضرورة الوصول الى حل توافقي عادل للقضية الجنوبية ومطالبا بضرورة تقديم المساعدات السخية لحكومة الوفاق اليمني للرفع من معاناة الشعب اليمني الذي  يعاني اكثر من نصف سكانه من الفقر وسؤ التغدية والنقص في المياه وقلة الخدمات.
الدكتور القربي في كلمته امام مجلس الامن ، نقل تحيات الرئيس عبدربه واكد على رعايته وادارته للحوار وعلى تفكيك العقد التي تواجهه بالصبر الأ انه اشار الى ان :- (البعض يتعمد تجاهل الاهداف الخمسة الرئيسية التي تضمنتها المبادرة الخليجية في مقدمتها الحفاظ على الوحدة والأمن والأستقرار). كما طالب المجتمع الدولي بزيادة دعمه لليمن الذي اعتبره محدودا رغم ادراكه ان اليمن نموذج فريد وانه يسير على طريق حل الازمة في مواجهة الفقر وسؤ التغدية والزيادة في عدد اللأجئيين اللذين يتوافدون لليمن الذي لم يصلها من المساعادت المرصودة الا اقل من المطلوب تحقيقه ويحمل الاصدقاء اسباب التقصير الجهات الحكومية اليمنية المختصة التي لم تفي بالتزاماتها المتعلقة بأنشاء الهيئة التنفيدية للمشاريع التي تستدعي من المانحين التعامل عبرها والتي بانشائها ستساعد  وستدفع بالاصدقاء الى الايفاء بالتزاماتها تجاه اليمن .
يتضح مما ذكرت ان الجهود مشتركة وان اصدقاء اليمن يسعون الى تقديم المساعدات الهادفة الى استقرار ورخاء اليمن لكنها لاتزال متواضعة وبحاجة الى المزيد من الدعم المالي السخي حتى يتجاوز اليمن ازمته الأقتصادية ، فسبب مشاكل اليمن  ودافعها للعنف والأرهاب والفساد وتحوله الى دولة فاشلة هو الفقر والبطالة والجهل ، وهو ما اكده البيان الصادر عن فاليري اموس المدير التنفيدي لبرنامج الأغدية العالمي الناتج عن زيارة “السيدة ايرثارين كازين” وكيلة الأمين العام للشئون الأنسانية الذي يؤكد ان ما يقارب من نصف عدد السكان اما جوعى او على حافة الجوع وان ” اليمن بلد عانى من الفقر المزمن وتأخر التنمية وملأيين اليمنيين يكافحون من اجل التعايش مع اوضاعهم المعيشية الصعبة ، وان الناس بحاجة الى الغداء، الماء ، التعليم ، الرعاية الصحية ويريدون ان يعرفون ان هناك اسثمارا يحدث لتأمين مستقبلهم ، ولذلك البرنامج بحاجة الى المزيد من التمويل لمساعدة الأشخاص الأكثر الحاحا”!.
للأسف هذا حال اليمن “الدولة الأقل نموًا في تصنيف الأمم المتحدة” والذي لأ يقدم لها الأ القليل من  الدعم المالي مقارنة بما يقدم لدولة صغيرة متقدمة “كدولة اليونان” التي لأ نرى فيها فقرا ولأ ارهابا وعدد سكانها لأ يتجاوز ال 12 مليون ومساحتها لأتزيد عن 60 الف ميل مربع والتي تحصلت بسبب ما مر بها من ازمة اقتصادية على منح مالية فاقت ال  20 مليار دولأر خلأل ثلأثة أعوام مضت واليمن الذي يبلغ عدد سكانه أكثر من 24 مليون نسمة و مساحته تفوق ال  200 الف ميل مربع غير الجزر والشريط الساحلي الطويل للأسف لم يتحصل على مدى الأعوام الثلأثة الماضية الأ على 2.2 مليار دولار من مبلغ اجمالي قدره  7.8 مليار دولار  فاين العدل ان كنا نريد لليمن استقرارا زد على ذلك موقع اليمن الأستراتيجي الهام الواقع بين البحر الأحمر والمحيط الهندي ، وليتخيل الكثير كم من المليارات مطلوب ضخها حتى يتجاوز اليمن ازمته وكم كان سيصرف عليها من المليارات  لو كان حاله كحال سوريا اليوم التي تحولت ثورتها الى ذمار وخراب حتى اصبح المواطن السوري العظيم لأحول له ولأ قوة لأجئا او مقتولأ !
لهذا السبب ولاسباب كثيرة يدركها اصدقاء اليمن مطلوب  دعما سخيا لمواجهة التحديات الكثيرة التي يواجهها الرئيس عبدربه  منصور وكذلك الأستاذ محمد سالم باسندوة رئيس حكومة الوفاق حتى يتغلبا على الصعوبات والعراقيل بالاضافة الى المحاولأت المتكررة من جهات مجهولة او معلومة بالتهديد او بالقتل ابتداء بالرئيس ورئيس الحكومة والدكتور ياسين سعيد نعمان ومحمد علي احمد ووزراء الدفاع و النقل والأعلأم والكثير ممن فقدوا حياتهم بدم بارد في مقدمتهم اللواء قطن وطياري وضباط وجنود ومواطني الجنوب والشمال وتكرار الاسقاط للطائرات وحتى فقدان الكثير من حياتهم بدون رصاص في مقدمتهم رجل الكلمة رئيس تحرير صحيفة الأيام العدنية الشهيد هشام باشراحيل . 
احد اصدقاء اليمن “السيد توماس فريدمان” وهو الصحفي العالمي  الذي يقراء له الكثير والذي عندما يكتب عمودًا في صحيفته  العالمية المتميزة “النيويورك تايمز” يتسابق الكل من متابعي قضايا الشرق الاوسط  لفك طلاسم ما يكتبه ، خرج الى الملاء ليصف الرئيس عبدربه منصور هادي بالاتي  :-
” اعتبرك مانديلا اليمن فلقد جمعت الاطراف وتسامحوا تحت قيادتك”
اجزم ان تصريح السيد فريدمان ليس للمجاملة والا لاكتفى بما قاله عند لقائه المغلق بالرئيس لكنه اراد ان يوصل رايه للرأي العام من خلال كل صحف العالم واولها صحفنا ومواقعنا اليمنية وبذلك اراد ان يثبت أنه وبقدر اهتمام العالم بالرجل والزعيم العظيم مانديلا الذي انقذ بلاده جنوب افريقيا من اقتتال اهلي فانه يرى ان في اليمن زعيما اخر يبذل جهودا ويواجه الكثير من التحديات لأتقل اهمية عن ما مرت بها جنوب افريقيا .
نعم العقبات كبيرة والتحديات كثيرة واليمن للأسف كتب عليه ان يكون من الدول ألأكثر تخلفا او كما يهونون علينا الدول الأقل نموا مع ان اليمن شماله وجنوبه لديه من الثروات والأمكانيات ما يجعله قادرا عندما تستقيم  اموره  الأعتماد على ذاته وتحمل شئون اموره !
السفير جمال بنعمر بالاضافة الى تاكيده على اهمية القضية الجنوبية وصف التحديات التي تواجه حوار اليمن بالاتي:-
” إن أمام اليمن الكثير من التحدّيات اثنان منها الأكثر إلحاحاً” الأول: هو التوافق على مسوّدة وثيقة المخرجات النهائية لمؤتمر الحوار والثاني: البدء في عملية تأسيس عقد اجتماعي جديد يلبّي تطلعات جميع اليمنيات واليمنيين في بناء دولة القانون والديموقراطية وحقوق الإنسان والمساواة والمواطنة والحكم الرشيد”. مؤكداً في هذا السياق بأن مؤتمر الحوار قد خطى خطوات كبيرة وواثقة في هذا الاتجاه رغم العقبات”
لهذا يعمل الرئيس ورئيس حكومة الوفاق وكل قادة اليمن على تذليل الصعاب لنقل البلأد من دولة فاشلة الى دولة نظام وقانون وذلك من خلال ما يجري تحقيقه على المستوى الداخلي من نجاحات تتحقق وكذلك ما تحقق على مستوى السياسة الخارجية خلال الزياران التي قام بها الاخ الرئيس الى الدول الشقيقة والصديقة بداء بالسعودية وبقية الدول العربية الشقيقة وكذلك الى ألدول الصديقة امريكا وبريطانيا وفرنسا وروسيا والى الأمم المتحدة وقريبا للصين ، زيارات حققت وستحقق الكثير من النجاحات كان للسياسة الخارجية اليمنية نصيبا في نجاحها وكذلك للسفير جمال بن عمر ممثل الأمين العام وللأستاد عبداللطيف الزياني الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي ، 
واختتم مجددا بزعيم قرأت له ،حبيته واحترمته ولازلت، هو الرئيس مانديلأ الذي اسس خلال فترة خمس سنوات من رئاسته دولة النظام والقانون والمواطنة المتساوية التي لاتفرق بين ابيض او اسود ، والذي جعل من بلاده دولة تحتل موقعا لايقل اهمية عن اية دولة كبرى كما لم  يمنعه سنه ولا مرضه من التقدم بالنصيحة لثوار وقادة دول الربيع العربي قائلأ:- 
 “إن النظر إلى المستقبل والتعامل معه بواقعية، أهم بكثير من الوقوف عند تفاصيل الماضي المرير أذكر جيدا أني عندما خرجت من السجن كان أكبر تحد واجهني، هو أن قطاعا واسعا من السود كانوا يريدون أن يحاكموا كل من كانت له صلة بالنظام السابق، لكنني وقفت دون ذلك، وبرهنت الأيام أن هذا كان الخيار الأمثل ولولاه لانجرفت جنوب إفريقيا إما إلى الحرب الأهلية أو إلى الديكتاتورية من جديد، لذلك شكلت (لجنة الحقيقة والمصالحة) التي جلس فيها المعتدي والمعتدى عليه وتصارحا وسامح كل منهما الآخر، إنها سياسة مرة لكنها ناجحة”.
 
الجزء الأول